للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِأَن بيع الْإِكْرَاه هَل هُوَ ناقل للْملك إِلَى المُشْتَرِي أم لَا، فَإِن قَالُوا: نعم، فصح مِنْهُ جَمِيع التَّصَرُّفَات، وَلَا يخْتَص بِالنذرِ وَالتَّدْبِير، وَإِن قَالُوا: لَا، فَلَا يصحان هما أَيْضا، وَأَيْضًا فِيهِ تحكم وَتَخْصِيص. قلت: أَولا لَيْسَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فِي هَذَا كَمَا زَعمه البُخَارِيّ كَمَا ذكرنَا، وَثَانِيا: إِنَّا نمْنَع هَذَا الترديد فِي نقل الْملك وَعَدَمه بل الْملك يثبت بِالْعقدِ لصدوره من أَهله فِي مَحَله، إلَاّ أَنه قد شَرط الْحل وَهُوَ التَّرَاضِي، فَصَارَ كَغَيْرِهِ من الشُّرُوط الْمفْسدَة حَتَّى لَو تصرف فِيهِ تَصرفا لَا يقبل النَّقْض: كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِير وَنَحْوهمَا، ينفذ وَتلْزَمهُ الْقيمَة، وَإِن أجَازه جَازَ لوُجُود التَّرَاضِي، بِخِلَاف البيع الْفَاسِد لِأَن الْفساد لحق الشَّرْع.

٦٩٤٧ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ عَمْرِو بنِ دِينارٍ، عنْ جابِرٍ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رجُلاً مِنَ الأنْصارِ دَبَّرَ مَمْلُوكاً ولَمْ يكُنْ لهُ مالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ الله فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فاشْتَرَاهُ نعَيْمُ النَّحَّامُ بِثَمَانِمائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ: فَسَمِعْتُ جابِراً يَقُولُ: عَبْداً قِبْطِيّاً ماتَ عامَ أوَّلَ.

قَالَ الدَّاودِيّ مَا حَاصله: أَنه لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة لِأَنَّهُ لَا إِكْرَاه فِيهِ، ثمَّ قَالَ: إلَاّ أَن يُرَاد أَنه، بَاعه وَكَانَ كالمكره لَهُ على بَيْعه.

وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل والْحَدِيث مضى فِي الْعتْق.

قَوْله: أَن رجلا اسْمه أَبُو مَذْكُور، والمملوك اسْمه يَعْقُوب، وَالْمُشْتَرِي نعيم بِضَم النُّون وَفتح الْعين الْمُهْملَة، وَقد وَقع فِي بعض النّسخ: نعيم بن النحام، وَالصَّوَاب: نعيم النحام، بِدُونِ لفظ الابْن لِأَنَّهُ قَالَ سَمِعت فِي الْجنَّة نحمة نعيم، أَي: سعلته فَهُوَ صفته لَا صفة أَبِيه. قَوْله: عبدا قبطياً أَي: من قبط مصر.

وَفِيه: جَوَاز بيع الْمُدبر، قيل: هُوَ حجَّة على الْحَنَفِيَّة فِي منع بيع الْمُدبر، وَأَجَابُوا بِأَن هَذَا مَحْمُول على الْمُدبر الْمُقَيد، وَهُوَ يجوز بَيْعه إلَاّ أَن يثبتوا أَنه كَانَ مُدبرا مُطلقًا، وَلَا يقدرُونَ على ذَلِك، وَكَونه لم يكن لَهُ مَال غَيره لَيْسَ عِلّة لجَوَاز بَيْعه، لِأَن الْمَذْهَب فِيهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته، وَجَوَاب آخر: أَنه مَحْمُول على بيع الْخدمَة وَالْمَنْفَعَة لَا بيع الرَّقَبَة، لما روى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن أبي جَعْفَر أَنه قَالَ: شهِدت الحَدِيث من جَابر إِنَّمَا أذن فِي بيع خدمته، وَأَبُو جَعْفَر ثِقَة.

٥ - (بابٌ مِنَ الإكْرَاهِ. كَرْهٌ وكُرْهٌ واحِدٌ)

أَي: هَذَا بَاب فِي جملَة مَا ورد فِي أَمر الْإِكْرَاه مِمَّا تضمنته الْآيَة الْمَذْكُور فِي الْبَاب، وفيهَا لفظ: كرها، بِفَتْح الْكَاف أَشَارَ البُخَارِيّ بِأَن لفظ: كره، بِالْفَتْح وَكره بِالضَّمِّ وَاحِد فِي الْمَعْنى. قَوْله: كره وَكره بِالرَّفْع ويروى: كرها وَكرها على مَا فِي الْآيَة وَهُوَ الْأَوْجه، وَلم يَقع هَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَقيل: الكره بِالضَّمِّ مَا أكرهت نَفسك عَلَيْهِ، وبالفتح مَا أكرهك عَلَيْهِ غَيْرك.

٦٩٤٨ - حدّثنا حُسَيْنُ بنُ مَنْصُورٍ، حدّثنا أسْباطُ بنُ مُحَمدٍ حدّثنا الشَّيْبانِيُّ سُلَيْمانُ بنُ فَيْرُوزِ، عنْ عِكْرِمَةَ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الشَّيْبانِيُّ. وحدّثني عَطاءٌ أبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ وَلَا أظُنُّهُ إلاّ ذَكَرَهُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} الآيَة، قَالَ: كانُوا إذَا ماتَ الرَّجُلُ كَانَ أوْلِياؤُهُ أحَقَّ بامْرَأتِهِ، إنْ شاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَها وإنْ شاؤُوا زَوَّجَها، وإنْ شاؤُوا لَمْ يُزَوِّجْها، فَهُمْ أحَقُّ بِها مِنْ أهْلها، فَنَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ بِذَلِكَ.

انْظُر الحَدِيث ٤٥٧٩

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: كرها فِي الْآيَة.

وحسين بن مَنْصُور النَّيْسَابُورِي مَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الْموضع، مَاتَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وأسباط بِلَفْظ الْجمع ابْن مُحَمَّد الْقرشِي الْكُوفِي، وَعَطَاء أَبُو الْحسن السوَائِي بِضَم السِّين الْمُهْملَة وخفة الْوَاو وبالهمزة بعد الْألف نِسْبَة إِلَى سَوَاء بن عَامر بن صعصعة بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن بطن كَبِير، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

والْحَدِيث مر تَفْسِيره فِي سُورَة النِّسَاء.

قَوْله: قَالَ: كَانَ ويروى: كَانُوا، وَهِي الْأَصَح. قَوْله: فهم أَي: أهل الرجل، ويروى:

<<  <  ج: ص:  >  >>