للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرّفْع وَلَا يجوز ذَلِك إلَاّ إِذا جعل أَن مُخَفّفَة من المثقلة. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الْمَعْنى إِذا لم يكن فِي الأَرْض خَليفَة فَعَلَيْك بالعزلة وَالصَّبْر على تحمل شدَّة الزَّمَان، وعض أصل الشَّجَرَة كِنَايَة عَن مكايدة الْمَشَقَّة، كَقَوْلِهِم: فلَان يعَض الْحِجَارَة من شدَّة الْأَلَم، أَو المُرَاد اللُّزُوم كَقَوْلِه فِي الحَدِيث الآخر: عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ. قَوْله: وَأَنت على ذَلِك أَي: على العض الَّذِي هُوَ كِنَايَة عَن لُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين وإطاعة سلاطينهم وَلَو جاروا.

وَفِيه: حجَّة لجَماعَة الْفُقَهَاء فِي وجوب لُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين وَترك الْقيام على أَئِمَّة الْحق لِأَنَّهُ أَمر بذلك وَلم يَأْمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم.

وَاخْتلفُوا فِي صفة الْأَمر بذلك، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَمر إِيجَاب بِلُزُوم الْجَمَاعَة وَهِي السوَاد الْأَعْظَم، وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَة ابْن مَاجَه من حَدِيث أنس مَرْفُوعا: إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت على إِحْدَى وَسبعين فرقة، وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة، كلهَا فِي النَّار إلَاّ وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة، وَقَالَ آخَرُونَ: الْجَمَاعَة الَّتِي أَمر الشَّارِع بلزومها هِيَ جمَاعَة الْعلمَاء، لِأَن الله عز وَجل جعلهم حجَّة على خلقه وإليهم تفزع الْعَامَّة فِي دينهَا وهم تبع لَهَا وهم المعنيون بقوله: إِن الله لن يجمع أمتِي على ضَلَالَة. وَقَالَ آخَرُونَ: هم جمَاعَة الصَّحَابَة الَّذين قَامُوا بِالدّينِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهَا جمَاعَة أهل الْإِسْلَام مَا داموا مُجْتَمعين على أَمر وَاجِب على أهل الْملَل، فَإِذا كَانَ فيهم مُخَالف مِنْهُم فليسوا مُجْتَمعين. وَقَالَ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد بن إِسْحَاق التسترِي فِي كِتَابه افْتِرَاق الْأمة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فرقة، والخوارج خمس عشرَة فرقة، والشيعة ثَلَاث وَثَلَاثُونَ، والمعتزلة سِتَّة، والمرجئة اثْنَا عشر، والمشبهة ثَلَاثَة، والجهمية فرقة وَاحِدَة، والضرارية وَاحِدَة، والكلابية وَاحِدَة، وأصول الْفرق عشرَة أهل السّنة والخوارج والشيعة والجهمية والضرارية والمرجئة والنجارية والكلابية والمعتزلة والمشبهة، وَذكر أَبُو الْقَاسِم الفوراني فِي كِتَابه فرق الْفرق إِن غير الإسلاميين: الدهرية والهيولي أَصْحَاب العناصر الثنوية والديصانية والمانوية والطبائعية والفلكية والقرامطة.

١٢ - (بابُ مَنْ كَرِه أنْ يُكَثِّرَ سَوادَ الفِتَنِ والظُّلْمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من كره أَن يكثر من الْإِكْثَار أَو من التكثير. قَوْله: سَواد الْفِتَن وَالظُّلم أَي: أهلهما، والسواد بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو الْأَشْخَاص.

٧٠٨٥ - حدّثنا عبْدُ الله بنُ يَزِيدَ، حَدثنَا حَيْوَةُ وغَيْرُهُ قَالَا: حدّثنا أبُو الأسْوَدِ. وَقَالَ اللّيْثُ: عنْ أبي الأسْوَدِ قَالَ: قُطِعَ عَلى أهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ فاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فأخْبَرْتُهُ، فَنَهاني أشَدَّ النَّهْي ثُمَّ قَالَ: أخبرَني ابنُ عبَّاسٍ أنَّ أُناساً مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا مَعَ المْشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوادَ المُشْرِكِينَ عَلى رسولِ الله فَيأتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ فأنْزَلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الَاْرْضِ قَالْو اْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيراً}

انْظُر الحَدِيث ٤٥٩٦

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الْمقري، وحيوة بن شُرَيْح التجِيبِي.

والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير عَن عبد الله بن يزِيد أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن زَكَرِيَّا بن يحيى.

وَأَبُو الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان الْأَسدي يَتِيم عُرْوَة بن الزبير. قَوْله: وَغَيره قَالَ صَاحب التَّوْضِيح قيل: المُرَاد بِهِ ابْن لَهِيعَة، وَقيل: كَأَنَّهُ يُرِيد ابْن لَهِيعَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان وَقد رَوَاهُ عَنهُ اللَّيْث أَيْضا وَقَالَ الْكرْمَانِي ويروى: وَعَبدَة ضد الْحرَّة وَالْأول أصح. قَوْله: قطع على أهل الْمَدِينَة بعث أَي أفرد عَلَيْهِم بعث بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الْجَيْش، وَمِنْه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يقطع بعثاً. قَالَ ابْن الْأَثِير: أَي يفرد قوما يَبْعَثهُم فِي الْغَزْو ويعينهم من غَيرهم. قَوْله: فاكتتبت فِيهِ على صِيغَة الْمَجْهُول. قَالَ الْكرْمَانِي: وبالمعروف يُقَال: اكتتبت أَي: كتبت نَفسِي فِي ديوَان السُّلْطَان. قَوْله: يكثرون من الْإِكْثَار أَو التكثير. قَوْله: فَيرمى أَي: فَيرمى بِهِ، ويروى كَذَلِك، قيل: هُوَ من الْقلب وَالتَّقْدِير

<<  <  ج: ص:  >  >>