للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَعْطَيْت على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: العمالة بِالضَّمِّ أُجْرَة الْعَمَل وبالفتح نفس الْعَمَل. قَوْله: مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِك؟ يَعْنِي: مَا غَايَة قصدك بِهَذَا الرَّد؟ قَوْله: أفراساً جمع فرس. قَوْله: وأعبداً جمع عبد، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أعتداً، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق جمع عتيد وَهُوَ المَال المدخر. قَوْله: الَّذِي أردْت بِفَتْح التَّاء. قَوْله: يعطيني الْعَطاء أَي: المَال الَّذِي يقسمهُ الإِمَام فِي الْمصَالح. قَوْله: أعْطه أفقر إِلَيْهِ مني أَي: أعطِ بِهَمْزَة الْقطع الَّذِي هُوَ أفقر إِلَيْهِ مني، وَفصل بَين أفعل التَّفْضِيل وَبَين كلمة: من، لِأَنَّهُ إِنَّمَا لم يجز عِنْد النُّحَاة، إِذا كَانَ أَجْنَبِيّا وَهنا هُوَ ألصق بِهِ من الصِّلَة لِأَن ذَلِك مُحْتَاج إِلَيْهِ بِحَسب جَوْهَر اللَّفْظ والصلة مُحْتَاج إِلَيْهَا بِحَسب الصِّيغَة. قَوْله: غير مشرف أَي: غير طامع وَلَا نَاظر، إِلَيْهِ قَوْله: وإلَاّ أَي: وَإِن لم يَجِيء إِلَيْك فَلَا تتبعه نَفسك فِي طلبه واتركه، قيل: لم مَنعه رَسُول الله من الإيثار؟ أُجِيب بِأَنَّهُ أَرَادَ الْأَفْضَل والأعلى من الْأجر، لِأَن عمر، وَإِن كَانَ مأجوراً بإيثاره الأحوج، لَكِن أَخذه ومباشرته الصَّدَقَة بِنَفسِهِ أعظم، وَذَلِكَ لِأَن التَّصَدُّق بعد التمول إِنَّمَا هُوَ دفع الشُّح الَّذِي هُوَ مستولٍ على النُّفُوس.

قَوْله: وَعَن الزُّهْرِيّ حَدثنِي سَالم، هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور أَولا إِلَى الزُّهْرِيّ، وَقد أخرج النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن مَنْصُور عَن أبي الْيَمَان شيخ البُخَارِيّ الْحَدِيثين الْمَذْكُورين بالسند الْمَذْكُور إِلَى عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَفِيه: أَخذ الرزق لمن اشْتغل بِشَيْء من مصَالح الْمُسلمين، وَذكر ابْن الْمُنْذر أَن زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يَأْخُذ الْأجر على الْقَضَاء، وروى ذَلِك عَن ابْن سِيرِين وَشُرَيْح، وَهُوَ قَول اللَّيْث وَإِسْحَاق وَأبي عبيد. وَقَالَ الشَّافِعِي: إِذا أَخذ القَاضِي جعلا لم يجز عِنْدِي، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَحَدِيث ابْن السَّعْدِيّ حجَّة فِي جَوَاز إرزاق الْقُضَاة من وجوهها.

وَفِيه: إِن أَخذ مَا جَاءَ من المَال بِغَيْر مَسْأَلَة أفضل من تَركه لِأَنَّهُ يَقع فِي إِضَاعَة المَال، وَقد نهى الشَّرْع عَن ذَلِك، وَذهب بعض الصُّوفِيَّة، إِلَى أَن المَال إِذا جَاءَ من غير إشراف نفس وَلَا سُؤال لَا يرد، فَإِن رد عُوقِبَ بالحرمان، ويحكى عَن أَحْمد أَيْضا، وَأهل الظَّاهِر، وَقَالَ ابْن التِّين: فِي هَذَا الحَدِيث كَرَاهَة أَخذ الرزق على الْقَضَاء مَعَ الِاسْتِغْنَاء وَإِن كَانَ المَال طيبا.

١٨ - (بابُ مَنْ قَضَى ولاعَنَ فِي المَسْجدِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من قضى ولاعن فِي الْمَسْجِد. قَوْله: قضى ولاعن فعلان تنَازعا فِي الْمَسْجِد، وَمعنى: لَاعن، أَمر بِاللّعانِ على سَبِيل الْمجَاز نَحْو: كسى الْخَلِيفَة الْكَعْبَة.

ولاعَنَ عُمَرُ عِنْد مِنْبَرِ النبيِّ

أَي: أَمر عمر، رَضِي الله عَنهُ، بِاللّعانِ عِنْد مِنْبَر النَّبِي وَإِنَّمَا خص عمر الْمِنْبَر لِأَنَّهُ كَانَ يرى التَّحْلِيف عِنْد الْمِنْبَر أبلغ فِي التَّغْلِيظ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ التَّغْلِيظ فِي الْأَيْمَان بِالْمَكَانِ، وقاسوا عَلَيْهِ الزَّمَان. وَفِي التَّوْضِيح يغلظ فِي اللّعان بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان وَهِي سنة عندنَا لَا فرض على الْأَصَح. وَقَالَ مَالك بالتغليظ، وَأَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَنعه وروى ابْن كنَانَة عَن مَالك: يجزىء فِي المَال الْعَظِيم والدماء، وزمن اللّعان بعد الْعَصْر عندنَا، وَعند الْمَالِكِيَّة: أثر الصَّلَاة، واختصاص الْعَصْر لاختصاصه بِالْمَلَائِكَةِ، أَعنِي: مَلَائِكَة اللَّيْل وَالنَّهَار.

وقَضَى شُرَيْحٌ والشَّعْبِيُّ ويَحْياى بنُ يَعْمَرَ فِي المَسْجِدِ.

شُرَيْح هُوَ القَاضِي الْمَشْهُور، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل، وَيحيى بن يعمر بِفَتْح الْيَاء وَالْمِيم بَينهمَا عين مُهْملَة الْبَصْرِيّ القَاضِي بمرو، وَأثر شُرَيْح وَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ: رَأَيْت شريحاً يقْضِي فِي الْمَسْجِد وَعَلِيهِ برنس خَز، وَأثر الشّعبِيّ وَصله سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي فِي جَامع سُفْيَان عَن طَرِيق عبد الله بن شبْرمَة، قَالَ: رَأَيْت الشّعبِيّ جلد يَهُودِيّا فِي فِرْيَة فِي الْمَسْجِد، وَأثر يحيى بن يعمر وَصله ابْن أبي شيبَة من رِوَايَة عبد الرحمان بن قيس، قَالَ: رَأَيْت يحيى بن يعمر يقْضِي فِي الْمَسْجِد.

<<  <  ج: ص:  >  >>