للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل كَانَ عَلَيْهِ الِاعْتِصَام بقبوله، وَلَا حجَّة لأحد فِي ترك الْمَأْمُور بِهِ بِمثل مَا احْتج بِهِ عَليّ: قيل لَهُ: مَا فَائِدَة قَوْله: رفع الْقَلَم عَن النَّائِم؟ .

قَالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقالُ: مَا أتاكَ لَيْلاً فَهُوَ طارِقٌ، ويُقالُ: الطّارِقُ النَّجْمُ، والثّاقِبُ المُضِيءُ، يُقالُ: أثْقِبْ نارَكَ لِلْمُوقِدِ.

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ قَوْله: يُقَال مَا أَتَاك لَيْلًا فَهُوَ طَارق كَذَا لأبي ذَر، وَسقط من رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَثَبت للباقين لَكِن بِدُونِ لفظ: يُقَال، وَقيل: معنى طرقه جَاءَهُ لَيْلًا، وَقَالَ ابْن فَارس: حكى بَعضهم أَن ذَلِك قد يُقَال فِي النَّهَار أَيْضا، وَقيل: أصل الطروق من الطّرق وَهُوَ الدق، وَسمي الْآتِي بِاللَّيْلِ طَارِقًا لِحَاجَتِهِ إِلَى دق الْبَاب. قَوْله: وَيُقَال الطارق النَّجْم، والثاقب المضيء. قَالَ تَعَالَى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ} كَأَنَّهُ يثقب الظلام بضوئه فَينفذ فِيهِ، وَوصف بالطارق لِأَنَّهُ يَبْدُو بِاللَّيْلِ. قَوْله: أثقب أَمر من الثقب وَهُوَ مُتَعَدٍّ، يُقَال: ثقبت الشَّيْء ثقباً وَهُوَ من بَاب نصر ينصر وَالْأَمر مِنْهُ: أثقب بِضَم الْهمزَة. قَوْله: للموقد، بِكَسْر الْقَاف وَهُوَ الَّذِي يُوقد النَّار.

حدّثنا قُتَيْبَةُ، حَدثنَا اللّيْثُ، عنْ سَعِيدٍ عنْ أبِيهِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ خَرَجَ رسولُ الله فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حتَّى جِئْنا بَيْتَ الْمِدْراسِ فقامَ النبيُّ فَناداهُمْ فَقَالَ: يَا معْشَرَ يَهُودَ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقالُوا: قَدْ بَلّغْتَ يَا أَبَا القاسِمِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رسولُ الله ذَلِكَ أُرِيدُ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقالُوا: قَدْ بَلّغْتَ يَا أَبَا القاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رسولُ الله ذَلِكَ أُرِيد ثُمَّ قالَها الثّالِثَةَ، فَقَالَ: اعْلَمُوا أنَّما الأرْضُ لله ورسولِهِ وأنِّي أُرِيدُ أنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هاذِهِ الأرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكمْ بِمالِهِ شَيْئاً فَلْيَبِعْهُ، وإلاّ فاعْلَمُوا أنَّما الأرْضُ لله ورسُولِهِ

انْظُر الحَدِيث ٣١٦٧ وطرفه

مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه بلغ الْيَهُود ودعاهم إِلَى الْإِسْلَام فَقَالُوا: بلغت وَلم يذعنوا لطاعته فَبَالغ فِي تبليغهم وكرره، وَهَذِه مجادلة بِالَّتِي هِيَ أحسن.

وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِزْيَة عَن عبد الله بن يُوسُف وَفِي الْإِكْرَاه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ كلهم عَن قُتَيْبَة، فَمُسلم فِي الْمَغَازِي، وَأَبُو دَاوُد فِي الْخراج، وَالنَّسَائِيّ فِي السّير.

قَوْله: بَيت الْمِدْرَاس بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الَّذِي يقْرَأ فِيهِ التَّوْرَاة، وَقيل: هُوَ الْموضع الَّذِي كَانُوا يقرأون فِيهِ، وَإِضَافَة الْبَيْت إِلَيْهِ إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص، ويروى: الْمدَارِس بِضَم الْمِيم، قَالَه الْكرْمَانِي: قَوْله: أَسْلمُوا بِفَتْح الْهمزَة من الْإِسْلَام وتسلموا من السَّلامَة. قَوْله: ذَلِك أُرِيد بِضَم الْهمزَة وَكسر الرَّاء أَي: التَّبْلِيغ هُوَ مقصودي {إِنِّى أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ} ، وَغَيرهَا وَفِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي فِيمَا ذكره الْقَابِسِيّ بِفَتْح الْهمزَة وبزاي من الزِّيَادَة وأطبقوا على أَنه تَصْحِيف، وَوَجهه بَعضهم بِأَن مَعْنَاهُ: أكرر مَقَالَتي مُبَالغَة فِي التَّبْلِيغ. قَوْله: أَن أجليكم أَي: أطردكم من تِلْكَ الأَرْض وَكَانَ خُرُوجهمْ إِلَى الشَّام. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: جلوا عَن أوطانهم وجلوتهم أَنا يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، وأجلوا عَن الْبَلَد وأجليتهم أَنا كِلَاهُمَا بِالْألف، وَزَاد فِي الغريبين وجلى عَن وَطنه بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: بِمَالِه الْبَاء للمقابلة نَحْو: بِعته بِذَاكَ.

١٩ - (بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ إِلَاّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله تَعَالَى: الخ مَعْنَاهُ مثل الْجعل الْغَرِيب الَّذِي اختصصناكم فِيهِ بالهداية أَي عدلا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث نوح يَقُول قوم نوح، عَلَيْهِ السَّلَام: كَيفَ يشْهدُونَ علينا

<<  <  ج: ص:  >  >>