للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا الله إِشَارَة إِلَى عُلُوم الْآخِرَة فَإِذا لم يعلم أَولهَا مَعَ قربهَا فنفي علم مَا بعْدهَا أولى.

٧٣٨٠ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا سُفْيانُ، عنْ إسْماعِيلَ، عنِ الشَّعْبِيِّ، عنْ مَسْرُوقٍ، عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: مَنْ حَدَّثكَ أنَّ مُحَمَّداً رَأى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، وهْوَ يَقُولُ: {لَاّ تُدْرِكُهُ الَاْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الَاْبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ومَنْ حَدَّثَكَ أنّهُ يَعْلمُ الغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ وهْوَ يَقُولُ لَا يَعْلمُ الغَيْبَ إلاّ الله.

ا

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد البَجلِيّ يروي عَن عَامر الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق بن الأجدع.

والْحَدِيث مضى مطولا فِي التَّفْسِير عَن يحيى عَن وَكِيع وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: رأى ربه أَي: فِي لَيْلَة الْمِعْرَاج وَاخْتلفُوا فِي رُؤْيَته، فعائشة مِمَّن أنكرها لَكِنَّهَا لم تنقل عَن النَّبِي، بل قالته اجْتِهَادًا واستدلالاً. وَقَالَ الدَّاودِيّ: إِنَّمَا أنْكرت مَا قيل عَن ابْن عَبَّاس أَنه رَآهُ بِقَلْبِه، وَمعنى الْآيَة: لَا تحيط بِهِ الْأَبْصَار. وَقيل: لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَإِنَّمَا يُدْرِكهُ المبصرون، وَقيل: لَا تُدْرِكهُ فِي الدُّنْيَا. قَوْله: وَمن حَدثَك أَنه يعلم الْغَيْب قَالَ الدَّاودِيّ: مَا أَظُنهُ مَحْفُوظًا وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظ: من حَدثَك أَن مُحَمَّدًا كتم شَيْئا مِمَّا أنزل الله إِلَيْهِ فقد كذب، قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن الرافضة كَانَت تَقول: إِنَّه خص عليّاً، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِعلم لم يُعلمهُ غَيره، وَأما علم الْغَيْب فَمَا أحد يَدعِي لرَسُول الله أَنه كَانَ يعلم مِنْهُ إلَاّ مَا علم.

٥ - (بابُ قَول الله تَعَالَى: {السَّلَام الْمُؤمن} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {السَّلَام الْمُؤمن} كَذَا فِي رِوَايَة الْجَمِيع، وَزَاد ابْن بطال الْمُهَيْمِن وَقَالَ: غَرَضه بِهَذَا إِثْبَات أَسمَاء من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا الْقدر الْإِشَارَة إِلَى الْآيَات الثَّلَاث الْمَذْكُورَة فِي آخر سُورَة الْحَشْر. قَالَ شيخ شَيْخي الطَّيِّبِيّ، رَحمَه الله: السَّلَام مصدر نعت بِهِ، وَالْمعْنَى: ذُو السَّلامَة من كل آفَة ونقيصة، أَي: الَّذِي سلمت ذَاته عَن الْحُدُوث وَالْعَيْب، وَصِفَاته عَن النَّقْص، وأفعاله عَن الشَّرّ الْمَحْض، وَهُوَ من أَسمَاء التَّنْزِيه. وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَقد أطلق على التَّحِيَّة الْوَاقِعَة بَين الْمُؤمنِينَ، وَقيل: السَّلَام فِي حَقه تَعَالَى الَّذِي سلم الْمُؤْمِنُونَ من عُقُوبَته. وَاخْتلف فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} فَقيل: الْجنَّة لِأَنَّهُ لَا آفَة فِيهَا وَلَا كدر فالسلام على هَذَا والسلامة بِمَعْنى كاللذاذ واللذاذة. وَقَالَ قَتَادَة: الله السَّلَام وداره الْجنَّة. قَوْله: الْمُؤمن قَالَ شيخ شَيْخي: الْمُؤمن فِي الأَصْل الَّذِي يَجْعَل غَيره آمنا، وَفِي حق الله تَعَالَى على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون صفة ذَات وَهُوَ أَن يكون متضمناً لكَلَام الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ تَصْدِيقه لنَفسِهِ فِي أخباره، ولرسله فِي صِحَة دَعوَاهُم الرسَالَة. وَالثَّانِي: أَن يكون متضمناً صفة فعل هِيَ أَمَانَة رسله وأوليائه الْمُؤمنِينَ بِهِ من عِقَابه، وأليم عَذَابه. قَوْله: الْمُهَيْمِن، رَاجع إِلَى معنى الْحِفْظ وَالرِّعَايَة وَذَلِكَ صفة فعل لَهُ عز وَجل، وَقد روى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: مهيمناً عَلَيْهِ، قَالَ: مؤتمناً عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ: الْمُهَيْمِن: الْأمين الْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله، وَقيل: الرَّقِيب على الشَّيْء، والحافظ لَهُ. وَقَالَ شيخ شَيْخي: الْمُهَيْمِن الرَّقِيب المبالغ فِي المراقبة وَالْحِفْظ من قَوْلهم: هيمن الطير إِذا نشر جنَاحه على فرخه صِيَانة لَهُ، وَقيل: أَصله مؤيمن فَقبلت الْهمزَة هَاء فَصَارَ مهيمن، قَالَه الْخطابِيّ وَابْن قُتَيْبَة وَمن تبعهما، وَاعْترض إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَنقل الْإِجْمَاع على أَن أَسمَاء الله تَعَالَى لَا تصغر. قلت: هم مَا ادعوا أَنه مصغر حَتَّى يَصح الِاعْتِرَاض عَلَيْهِم، ومهيمن غير مصغر لِأَن وَزنه: مفيعل، وَلَيْسَ هَذَا من أوزان التصغير.

٧٣٨١ - حدّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ، حدّثنا زُهَيْرٌ، حدّثنا مُغيِرَةُ، حدّثنا شقِيقُ بنُ سَلَمَة قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النبيِّ فَنَقُولُ السّلامُ عَلى الله، فَقَالَ النبيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>