للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(بَاب)

كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقد ذكرنَا أَنه على هَذِه الصُّورَة غير مُعرب، بل حكمه حكم تعدد الْأَسْمَاء، لِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون بعد العقد والتركيب، فَإِذا قُلْنَا: هَذَا بَاب، أَو: بَاب فِي حكم كَذَا، يكون معرباً. وَمن قَالَ: بَاب، بِالتَّنْوِينِ من غير وصل بِشَيْء فقد غلط.

٢١٨ - حدّثنا مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى قَالَ حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ خازِمٍ قَالَ حَدثنَا الاْعمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طاووُسٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقَبْرَيْنِ فقالَ إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبيرٍ أمَّا أحَدُهُمَا فكانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ وَأمَّا الآخَرُ فكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّها نِصْفَيْنِ فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً قَالُوا يَا رسولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ لَعلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَبْبَسَا..

هَذَا الحَدِيث فِي نفس الْأَمر هُوَ الحَدِيث الَّذِي ترْجم لَهُ البُخَارِيّ بقوله: (بَاب من الْكَبَائِر أَن لَا يسْتَتر من بَوْله) ، لِأَن مخرجهما وَاحِد، غير أَن الِاخْتِلَاف فِي السَّنَد وَبَعض الْمَتْن: لِأَن هُنَاكَ عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، وَهَهُنَا عَن مُجَاهِد عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس، وَقد قُلْنَا هُنَاكَ: إِن إِخْرَاج البُخَارِيّ بِهَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيح عِنْده، لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن مُجَاهدًا سَمعه تَارَة عَن ابْن عَبَّاس وَتارَة عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس، فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَلَا يحْتَاج إِلَى طلب تَرْجَمَة هَذَا الحَدِيث لهَذَا الْبَاب، على تَقْدِير وجود لَفظه: بَاب، لِأَن وَجه التَّرْجَمَة ومطابقة الحَدِيث لَهَا قد ذكر هُنَاكَ، فان قلت: بَينهمَا بَاب آخر، وَهُوَ قَوْله: (بَاب مَا جَاءَ فِي غسل الْبَوْل) . قلت: هَذَا تَابع للباب الأول. لِأَنَّهُ فِي بَيَان حكم من أَحْكَامه، وَلَيْسَ للتابع اسْتِقْلَال فِي شَأْنه، فعلى هَذَا قَول الْكرْمَانِي: فان قلت: كَيفَ دلَالَته على التَّرْجَمَة؟ قلت: من جِهَة إِثْبَات الْعَذَاب على ترك استتار جسده من الْبَوْل وَعدم غسله غير سديد مُسْتَغْنى عَنهُ، لِأَنَّهُ إِن اعْتبر فِيمَا قَالَه لَفظه بَاب مُفردا فَلَيْسَ فِيهِ تَرْجَمَة، وَإِن لم يعْتَبر ذَلِك فَيكون الحَدِيث فِي بَاب: مَا جَاءَ فِي غسل الْبَوْل، وَلَيْسَ لَهُ مُنَاسبَة ظَاهرا، وَالتَّحْقِيق مَا ذكرته. فَافْهَم.

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة. الأول: مُحَمَّد بن الْمثنى، بِضَم الْمِيم وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد النُّون: الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالزَّمِن، تقدم فِي بَاب حلاوة الايمان. الثَّانِي: مُحَمَّد بن خازم، بِالْخَاءِ وَالزَّاي المعجمتين: أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، عمي وعمره أَربع سِنِين، وَقد تقدم فِي بَاب الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من يَده. الثَّالِث: الْأَعْمَش وَهُوَ سُلَيْمَان بن مهْرَان الْكُوفِي التَّابِعِيّ، تقدم فِي بَاب ظلم دون ظلم. الرَّابِع: مُجَاهِد بن جبر. الْخَامِس: طَاوس بن كيسَان، تقدم فِي بَاب من لم ير الْوضُوء إلَاّ من المخرجين. السَّادِس: عبد الله ابْن عَبَّاس.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع ثَلَاث مَرَّات. وَفِيه: العنعنة ثَلَاث مَرَّات. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي ومكي ويماني.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَفِي مَوَاضِع أخر ذَكرنَاهَا فِي بَاب: من الْكَبَائِر ان لَا يسْتَتر من بَوْله. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة أَيْضا، ذَكرنَاهَا هُنَاكَ.

وَأما ذكر لغته وَإِعْرَابه واستنباط الْأَحْكَام مِنْهُ فقد مرت مستوفاة.

وَقَوله: (فغرز) ، وَفِي رِوَايَة وَكِيع فِي الْأَدَب: (فغرس) ، وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَبَين الزَّاي وَالسِّين تناوب؛ وَكَانَ غرزه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عِنْد رَأس الْقَبْر، قَالَه سعد الدّين الْحَارِثِيّ، وَقَالَ: إِنَّه ثَبت بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه، وَقد ذَكرْنَاهُ. قلت: فِيهِ: (فَجعل إِحْدَاهمَا عِنْد رَأسه وَالْأُخْرَى عِنْد رجلَيْهِ) . قَوْله: (لم فعلت هَذَا) ، وَلَيْسَ لَفظه: هَذَا، فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي.

قَالَ ابْن المُثَنَّى وحدّثنا وَكيعٌ قَالَ حَدثنَا الاْعمشُ قَالَ سَمِعْتُ مُجاهِداً مِثْلَهُ

أَي: قَالَ مُحَمَّد بن الْمثنى وَحدثنَا وَكِيع بن الْجراح، وَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله: (حَدثنَا مُحَمَّد بن خازم) ، وَوَقع للأصيلي هَكَذَا: بواو الْعَطف، وَلذَلِك ظن بَعضهم أَنه مُعَلّق، وَقد وَصله أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمثنى هَذَا عَن وَكِيع وَمُحَمّد بن خازم عَن الْأَعْمَش، والنكتة فِي هَذَا الْإِسْنَاد الَّذِي أفرده التقوية للإسناد الأول، وَلِهَذَا صرح بِلَفْظ: سَمِعت لِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>