للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل: {قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} وَالْيَد هُنَا الْقُدْرَة. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: ذهب بعض أَئِمَّتنَا إِلَى أَن الْيَدَيْنِ والعينين وَالْوَجْه صِفَات ثَابِتَة للرب والسبيل إِلَى إِثْبَاتهَا السّمع دون قَضِيَّة الْعقل، وَالَّذِي يَصح عندنَا حمل الْيَدَيْنِ على الْقُدْرَة والعينين على الْبَصَر وَالْوَجْه على الْوُجُود، وَقَالَ ابْن بطال: فِي هَذِه الْآيَة ثبات الْيَدَيْنِ لله تَعَالَى وليستا بجارحتين خلافًا للمشبهة من المثبتة، وللجهمية من المعطلة.

٧٤١٠ - حدّثنا مُعاذُ بنُ فَضالَةَ، حَدثنَا هِشامٌ، عَن قَتَادَةَ عنْ أنَسٍ أنَّ النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجْمَعُ الله المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيامةِ كذالِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا إِلَى ربِّنا حتَّى يُرِيحَنا مِنْ مَكانِنا هاذَا، فَيأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُون: يَا آدَمُ أما تَرَى النَّاسَ؟ خَلَقَكَ الله بِيَدِهِ وأسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وعَلَّمَكَ أسْماءَ كُل شَيْءٍ شَفِّعْ لَنا إِلَى ربِّنا حتَّى يُرِيحَنا مِنْ مَكانِنا هاذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكَ ويَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ التِي أصابَ ولَكِنِ ائْتُوا نُوحاً فإنَّهُ أوَّلُ رسولٍ بَعَثَهُ الله إِلَى أهْلِ الأرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكمْ ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ ولَكِنِ ائْتُوا إبْرَاهِيمَ خَليلَ الرَّحْمانِ، فَيأتُونَ إبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لسْتُ هُناكُمْ ويَذْكُرُ لَهُمْ خَطاياهُ الّتِي أصابَها ولَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْداً آتاهُ الله التَّوْرَاةَ وكَلَّمَهُ تَكْلِيماً، فَيأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُناكُمْ ويَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أصابَ ولَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ الله ورسولَهُ وكَلِمَتَهُ ورُوحَهُ، فَيأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لسْتُ هُناكُمْ، ولَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّداً عبْداً غُفِرَ لهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأخَّرَ، فَيأْتُونِي فأنْطَلِقُ فأسْتأذِنُ عَلى ربِّي فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فإذَا رأيْتُ ربِّي وقَعْتُ لهُ ساجِداً، فَيَدَعُنِي مَا شاءَ الله أنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقالُ لِي: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وقُلْ يُسْمَعْ وسلْ تُعْطَهْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأحْمَدُ رَبِّي بِمَحامِدِ عَلَّمَنِيها، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدّاً، فأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أرْجِعُ فَإِذا رأيْتُ ربِّي وقَعْتُ ساجِداً فَيَدَعُني مَا شاءَ الله أنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وقُلْ يُسْمَعْ وسَلْ تُعْطَهْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأحْمَدُ ربِّي بِمَحامِدَ عَلَّمَنِيها ربِّي ثُمَّ أشفَعُ فَيَحُدُّ لي حدّاً فأُدْخِلُهُمُ الجَنَّة، ثُمَّ أرْجِعُ فإذَا رأيْتُ ربِّي وقَعْت ساجِداً فَيَدَعُني مَا شاءَ الله أنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ قُلْ يُسْمَعْ وسَلْ تُعْطَهْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأحْمَدُ رَبِّي بِمَحامدَ عَلَّمَنِيها ثُمَّ أشْفَعُ فَيُحَدُّ لِي حَدّاً فأدْخِلُهُمُ الجَنّةَ، ثُمَّ أرْجِعُ فأقُولُ: يَا ربِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلاّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ وَوجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ

قَالَ النبيُّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إلاهَ إِلَّا الله وكانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعيرَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلاهَ إلاّ الله وكانَ فِي قَلْبه مِنَ الخَيرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إلاهَ إلاّ الله وكانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الخَيْرِ ذَرَّةً

ا

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: خلقك الله بِيَدِهِ

ومعاذ بن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة وَحكي ضم الْفَاء، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي.

والْحَدِيث مضى فِي أول تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام وَعَن خَليفَة عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد عَن قَتَادَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: يجمع مَعَ الله الْمُؤمنِينَ يتَنَاوَل كل الْمُؤمنِينَ من الْأُمَم الْمَاضِيَة. قَوْله: كَذَلِك أَي: مثل الْجمع الَّذِي نَحن عَلَيْهِ. قَوْله: لَو اسْتَشْفَعْنَا الْجَزَاء مَحْذُوف أَو كلمة: لَو، لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى الْجَزَاء. قَوْله: يُرِيحنَا بِضَم الْيَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>