للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَوَصله الْفرْيَابِيّ عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: المَجِيدُ الكَرِيمُ، والوَدُودُ الحَبِيبُ، يُقال: حَميدٌ مَجِيدٌ، كأنَّهُ فَعيلٌ مِنْ ماجدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لما ذكر الْعَرْش ذكر أَن الله وَصفه بالمجيد فِي قَوْله عز وَجل: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} فسر الْمجِيد بالكريم وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وقرىء: ذُو الْعَرْش صفة لِرَبِّك، وقرىء: الْمجِيد، بِالْجَرِّ صفة للعرش، ومجد الله عَظمته ومجد الْعَرْش علوه وعظمته. قَوْله: والودود الحبيب، ذكر هَذَا اسْتِطْرَادًا لِأَن قبل قَوْله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} وَفسّر الْوَدُود بالحبيب، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الْوَدُود الْفَاعِل بِأَهْل طَاعَته مَا يَفْعَله الْوَدُود من إعطائهم مَا أَرَادوا. قَوْله: كَأَنَّهُ فعيل، أَي: كَأَن مجيداً على وزن فعيل أَخذ من ماجد ومحمود أَخذ من حميد، ويروى: من حمد، على صِيغَة الْمَاضِي وَهُوَ الصَّوَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: غَرَضه أَن مجيداً فعيل بِمَعْنى فَاعل، وحميداً فعيل بِمَعْنى مَحْمُود. فَهُوَ من بَاب الْقلب، ويروى: مَحْمُود من حمد بِلَفْظ ماضي الْمَجْهُول وَالْمَعْرُوف، وَإِنَّمَا قَالَ: كَأَنَّهُ، لاحْتِمَال أَن يكون حميد بِمَعْنى حَامِد، والمجيد بِمَعْنى الممجد. وَفِي الْجُمْلَة فِي عبارَة البُخَارِيّ تعقيد. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: التعقيد فِي قَوْله: مَحْمُود من حمد. قلت: سُبْحَانَ الله كَيفَ يَقُول هَذَا الْقَائِل التعقيد فِي قَوْله: مَحْمُود من حمد، وَهَذَا كَلَام من لم يذقْ من علم التصريف شَيْئا، بل لفظ: مَحْمُود، مُشْتَقّ من: حمد، والتعقيد الَّذِي ذكره الْكرْمَانِي وَنسبه إِلَى البُخَارِيّ هُوَ قَوْله: ومحمود أَخذ من حميد، لِأَن مَحْمُودًا لم يُؤْخَذ من حميد، وَإِنَّمَا كِلَاهُمَا أخذا من: حمد، الْمَاضِي. فَافْهَم.

٧٤١٨ - حدّثنا عَبْدَانُ، عنْ أبي حَمْزَةَ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ جامِعِ بنِ شَدَّادٍ، عنْ صَفْوانَ بنِ مُحْرِزٍ عنْ عمرانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ: إنِّي عِنْدَ النبيِّ إذْ جاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْراى يَا بَني تَمِيمٍ قالُوا: بَشَّرْتَنا فأعْطِنا، فَدَخَلَ ناسٌ مِنْ أهْلِ اليَمنِ فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أهْلَ اليَمن إذْ لَمْ يَقْبَلْها بَنُو تَمِيمٍ قالُوا: قَبِلْنا جِئْناكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ ولِنَسْألكَ عنْ أوَّلِ هاذا الأمْر مَا كَانَ؟ قَالَ: كَانَ الله ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى الماءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ، وكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كلَّ شَيْءٍ ثُمَّ أتانِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرانُ أدْرِكْ ناقَتَك، فَقَدْ ذَهَبَتْ، فانْطَلَقْتُ أطْلُبُها، فَإِذا السَّرابُ يَنْقَطِعُ دُونَها، وايْمُ الله لَوَدِدْتُ أنَّها قَدْ ذَهَبَتْ ولَمْ أقُمْ.

ا

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي مُحَمَّد بن مَيْمُون، وجامع بن شَدَّاد بتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الأولى، وَصَفوَان بن مُحرز بِضَم الْمِيم على صِيغَة الْفَاعِل من الْإِحْرَاز.

والْحَدِيث مضى فِي أول كتاب بَدْء الْخلق.

قَوْله: إِذْ جَاءَ قوم من بني تَمِيم وَفِي رِوَايَة الْمَغَازِي: جَاءَت بَنو تَمِيم، وَهُوَ مَحْمُول على إِرَادَة بَعضهم، وَفِي رِوَايَة بَدْء الْخلق: جَاءَ نفر من بني تَمِيم، وَالْمرَاد: وَفد تَمِيم، كَمَا صرح بِهِ ابْن حبَان فِي رِوَايَته. اقْبَلُوا الْبُشْرَى وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم: أَبْشِرُوا يَا بني تَمِيم قَوْله: بشرتنا أَي: بِالْجنَّةِ وَنَعِيمهَا، أعطنا شَيْئا، وَفِي الْمَغَازِي، فَقَالُوا: أما إِذا بشرتنا فَأَعْطِنَا، وفيهَا: فَتغير وَجهه، وَعند أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج كَأَنَّهُ كره ذَلِك، وَفِي رِوَايَة فِي الْمَغَازِي: فَرُئِيَ ذَلِك فِي وَجهه، وفيهَا: فَقَالُوا: يَا رَسُول الله بشرتنا، وَهُوَ دَال على إسْلَامهمْ، قيل: بَنو تَمِيم قبلوها حَيْثُ قَالُوا: بشرتنا. غَايَة مَا فِي الْبَاب أَنهم سَأَلُوا شَيْئا. وَأجِيب بِأَنَّهُم لم يقبلوها حَيْثُ لم يهتموا بالسؤال عَن حقائقها وَكَيْفِيَّة المبدأ والمعاد، وَلم يعتنوا بضبطها وحفظها، وَلم يسْأَلُوا عَن موجباتها وَعَن الموصلات إِلَيْهَا. وَقيل: المُرَاد بِهَذِهِ الْبشَارَة أَن من أسلم نجا من الخلود فِي النَّار، ثمَّ بعد ذَلِك يَتَرَتَّب جَزَاؤُهُ على وفْق عمله إلَاّ أَن يعْفُو الله. قَوْله: فَأَعْطِنَا زعم ابْن الْجَوْزِيّ أَن الْقَائِل: أعطنا هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي. قَوْله: فَدخل نَاس من أهل الْيمن وَفِي رِوَايَة حَفْص:

<<  <  ج: ص:  >  >>