للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهم الصَّلَاة من غير أَن يكون بَين الْخَبَرَيْنِ تضَاد وَلَا تهاتر وَقَول أبي بكرَة فصلى بهم أَرَادَ بذلك بَدَأَ بتكبير مُحدث لِأَنَّهُ رَجَعَ فَبنى على صلَاته إِذْ محَال أَنه يذهب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليغتسل وَيبقى النَّاس كلهم قيَاما على حالتهم من غير إِمَام إِلَى أَن يرجع انْتهى. وَلما رأى مَالك هَذَا الحَدِيث مُخَالفا لأصل الصَّلَاة قَالَ أَنه خَاص بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وروى بعض أَصْحَابنَا أَن انتظارهم لَهُ هَذَا الزَّمن الطَّوِيل بعد أَن كبروا من قبيل الْعَمَل الْيَسِير فَيجوز مثله (فَإِن قلت) كَيفَ قلت كبروا (قلت) لِأَن الْعَادة جَارِيَة بِأَن تَكْبِير الْمَأْمُومين يَقع عقيب تَكْبِير إمَامهمْ وَلَا يُؤَخر ذَلِك إِلَّا الْقَلِيل من أهل الوسوسة (فَإِن قلت) إِذا ثَبت أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكبر فَكيف كبروا وَأَيْضًا فَكيف أَشَارَ إِلَيْهِم وَلم يتَكَلَّم وَلم انتظروه قيَاما (قلت) أما تكبيرهم فعلى رِوَايَة تَكْبِير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأما قَوْلك وَلم يتَكَلَّم فَيردهُ مَجِيء قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَانكُمْ (فَإِن قلت) إِذا أثبت أَنه تكلم بِهَذِهِ اللَّفْظَة فالإشارة لماذا (قلت) يحْتَمل أَنه جمع بَين الْكَلَام وَالْإِشَارَة أَو يكون الرَّاوِي روى أَحدهمَا بِالْمَعْنَى (فَإِن قلت) هَل اقْتصر على الْإِقَامَة الأولى أَو أنشأ إِقَامَة ثَانِيَة (قلت) لم يَصح فِيهِ نقل وَلَو فعله لنقل قَوْله " ثمَّ رَجَعَ " أَي إِلَى الْحُجْرَة قَوْله " وَرَأسه يقطر " جملَة اسمية وَقعت حَالا على أَصْلهَا بِالْوَاو وَقَوله " يقطر " أَي من مَاء الْغسْل وَنسبَة الْقطر إِلَى الرَّأْس مجَاز من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. (ذكر استنباط الْأَحْكَام) فِيهِ تَعْدِيل الصُّفُوف وَهُوَ مُسْتَحبّ بِالْإِجْمَاع وَقَالَ ابْن حزم فرض على الْمَأْمُومين تَعْدِيل الصُّفُوف الأول فَالْأول والتراص فِيهَا والمحاذاة بالمناكب والأرجل (فَإِن قلت) فِي رِوَايَة أُقِيمَت الصَّلَاة فقمنا فعدلنا الصُّفُوف قبل أَن يخرج فَكيف هَذَا وَقد جَاءَ " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تقوموا حَتَّى تروني " (قلت) لَعَلَّه كَانَ مرّة أَو مرَّتَيْنِ لبَيَان الْجَوَاز أَو لعذر أول لَعَلَّ قَوْله " فَلَا تقوموا حَتَّى تروني " بعد ذَلِك (فَإِن قلت) مَا الْحِكْمَة فِي هَذَا النَّهْي (قلت) لِئَلَّا يطول عَلَيْهِم الْقيام وَلِأَنَّهُ قد يعرض لَهُ عَارض فَيتَأَخَّر بِسَبَب. وَقد اخْتلف الْعلمَاء من السّلف فَمن بعدهمْ مَتى يقوم النَّاس إِلَى الصَّلَاة وَمَتى يكبر الإِمَام فَذهب الشَّافِعِي وَطَائِفَة إِلَى أَنه يسْتَحبّ أَن لَا يقوم أحد حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة وَكَانَ أنس يقوم إِذا قَالَ الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة وَبِه قَالَ أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة والكوفيون يقومُونَ فِي الصَّفّ إِذا قَالَ حَيّ على الصَّلَاة فَإِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام وَحَكَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن سُوَيْد بن غَفلَة وَقيس بن أبي سَلمَة وَحَمَّاد وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف لَا يكبر الإِمَام حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن (قلت) مَذْهَب مَالك أَن السّنة عِنْده أَن يشرع الإِمَام فِي الصَّلَاة بعد فرَاغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة وندائه باستواء الصَّفّ وَعِنْدنَا يشرع عِنْد التَّلَفُّظ بقوله قد قَامَت الصَّلَاة وَقَالَ زفر إِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة قَامُوا وَإِذا قَالَ ثَانِيًا افتتحوا وَعَن أبي يُوسُف أَنه يشرع عقيب الْفَرَاغ من الْإِقَامَة مُحَافظَة على القَوْل بِمثل مَا يَقُوله الْمُؤَذّن وَبِه قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ. وَفِيه أَن الإِمَام إِذا طَرَأَ لَهُ مَا يمنعهُ من التَّمَادِي اسْتخْلف بِالْإِشَارَةِ لَا بالْكلَام وَهُوَ أحد الْقَوْلَيْنِ لأَصْحَاب مَالك حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ وَفِيه جَوَاز الْبناء فِي الْحَدث وَهُوَ قَوْله أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى. وَفِيه جَوَاز النسْيَان على الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فِي الْعِبَادَات. وَفِيه كَمَا قَالَ ابْن بطال حجَّة لمَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة أَن تَكْبِير الْمَأْمُوم يَقع بعد تَكْبِير الإِمَام وَهُوَ قَول عَامَّة الْفُقَهَاء قَالَ وَالشَّافِعِيّ أجَاز تَكْبِير الْمَأْمُوم قبل إِمَامه أَي فِيمَا إِذا أحرم مُنْفَردا ثمَّ نوى الِاقْتِدَاء فِي أثْنَاء الصَّلَاة لِأَنَّهُ روى حَدِيث أبي هُرَيْرَة على مَا رَوَاهُ مَالك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي الحكم عَن عَطاء بن يسَار أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر فِي صَلَاة من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ أَن امكثوا فَلَمَّا قدم كبر وَالشَّافِعِيّ لَا يَقُول بالمرسل وَمَالك الَّذِي رَوَاهُ لم يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي صَحَّ عِنْده أَنه لم يكبر انْتهى. (قلت) ذكر ابْن بطال أَن أَبَا حنيفَة مَعَ مَالك غير صَحِيح لِأَن مَذْهَب أبي حنيفَة أَن الْمَأْمُوم يجب عَلَيْهِ أَن يكبر مَعَ الإِمَام مُقَارنًا وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يكبر بعده ثمَّ قيل الْخلاف فِي الْأَفْضَلِيَّة. وَفِيه مَا اسْتدلَّ بِهِ البُخَارِيّ على أَن الْجنب إِذا دخل فِي الْمَسْجِد نَاسِيا فَذكر فِيهِ أَنه جنب يخرج وَلَا يتَيَمَّم فَلذَلِك ذكر فِي التَّرْجَمَة بقوله يخرج كَمَا هُوَ وَلَا يتَيَمَّم وَقَالَ ابْن بطال من التَّابِعين من يَقُول أَن الْجنب إِذا نسي فَدخل الْمَسْجِد فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَيخرج قَالَ والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم (قلت) من الَّذين ذَهَبُوا إِلَى التَّيَمُّم الثَّوْريّ واسحق قَالَ وَكَذَا قَول أبي حنيفَة فِي الْجنب الْمُسَافِر يمر على مَسْجِد فِيهِ عين مَاء فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَيدخل الْمَسْجِد فيستقي ثمَّ يخرج المَاء من الْمَسْجِد وَفِي نَوَادِر ابْن أبي زيد من نَام فِي الْمَسْجِد ثمَّ احْتَلَمَ يَنْبَغِي أَن يتَيَمَّم

<<  <  ج: ص:  >  >>