للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم، وَقَالَ بَعضهم: فعلى هَذَا فَقَوله: بَنَات آدم أُرِيد بِهِ الْخُصُوص. قلت: مَا أبعد كَلَام الدَّاودِيّ فِي التَّوْفِيق بَينهمَا. نعم، نَحن مَا ننكر أَن نسَاء من بني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم، وَلَكِن الْكَلَام فِي لفظ الأولية فيهمَا وَلَا تَنْتفِي الْمُخَالفَة إِلَّا بالتوفيق بَين لَفْظِي الأولية، وَأبْعد من هَذَا قَول هَذَا الْقَائِل: عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص فَكيف يجوز تَخْصِيص عُمُوم كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَام غَيره؟ ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَيُمكن أَن يجمع بَينهمَا بِأَن الَّذِي أرسل على نسَاء بني إِسْرَائِيل طول مكثه بِهن عُقُوبَة لَهُنَّ لَا ابْتِدَاء وجوده. قلت: هَذَا كَلَام من لَا يَذُوق الْمَعْنى، وَكَيف يَقُول: لَا ابْتِدَاء وجوده؟ وَالْخَبَر فِيهِ أول مَا أرسل، وَبَينه وَبَين كَلَامه مُنَافَاة، وَأَيْضًا من أَيْن ورد أَن الْحيض طَال مكثه فِي نسَاء بني إِسْرَائِيل؟ وَمن نقل هَذَا؟ وَقد روى الْحَاكِم بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس: رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. أَن ابْتِدَاء الْحيض كَانَ على حَوَّاء، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، بعد أَن أهبطت من الْجنَّة وَكَذَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر. وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره أَن قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت} (سُورَة هود: ٧١) أَي: حَاضَت، والقصة مُتَقَدّمَة على بني إِسْرَائِيل بِلَا ريب، لِأَن إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. قلت: وَلَقَد حضر لي جَوَاب فِي التَّوْفِيق من الْأَنْوَار الإلهية بعونه ولطفه، وَهُوَ أَنه، يُمكن أنالله تَعَالَى قطع نِسَائِهِم، لِأَن من حكم الله تَعَالَى أَنه جعل الْحيض مسبباً لوجو، النَّسْل، أَلا ترى أَن الْمَرْأَة إِذا ارْتَفع حَيْضهَا لَا تحمل عَادَة؟ أَعَادَهُ عَلَيْهِنَّ كَانَ ذَلِك أول الْحيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُدَّة الِانْقِطَاع، فَأطلق الأولية عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَار، لِأَنَّهَا من الْأُمُور النسبية فَافْهَم.

٢٩٤ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ المَدِينِي حدّثنا سُفْيَانُ قالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنْنَ القَاسِمِ قالَ سَمِعْتُ القَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إلَاّ الحَجْ فَلَمَّا كُنَّا بِسِرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَا أَبْكِي فَقَالَ مالَكَ أنُفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إنَّ هَذَا إِمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتَ آدَمَ فَافْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ وضَحَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ نِسَائِهِ بالْبَقَر. .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم) . وعَلى رَأس هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت بَاب الْأَمر بالنفساء إِذا نفس، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات هَذِه التَّرْجَمَة سَاقِطَة، أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْأَمر الْمُتَعَلّق بالنفساء قَالَ الْكرْمَانِي: الْبَحْث فِي الْحيض، فَمَا وَجه تعلقه بِهِ. قلت: المُرَاد بالنفساء الْحَائِض. قلت: النُّفَسَاء مُفْرد، وَجمعه نِفَاس. وَقَالَ الْجَوْهَرِي لَيْسَ فِي الْكَلَام من فعلاء يجمع على فعال غير نفسَاء وعشراء، وَهِي الْحَامِل من الْبَهَائِم، ثمَّ قلت: وَيجمع أَيْضا على نفساوات بِضَم النُّون، وَقَالَ صَاحب (الْمطَالع) بِالْفَتْح أَيْضا، وَيجمع أَيْضا على نفس، بِضَم النُّون وَالْفَاء، قَالَ: وَيُقَال فِي الْوَاحِد نَفسِي مثل كبرى، وبفتح النُّون أَيْضا، وَامْرَأَتَانِ نفساوان، وَنسَاء نِفَاس، وَالنّفاس أَيْضا مصدر سمي بِهِ الدَّم كَمَا يُسمى بِالْحيضِ مَأْخُوذ من تنفس الرَّحِم بِخُرُوج النَّفس الَّذِي الدَّم وَفِي المعزب النفا مصدر نفست الْمَرْأَة بِضَم النُّون وَفتحهَا إِذا ولدت فَهِيَ نفسَاء قَوْله: إِذا نفس، بِضَم الْفَاء وَفتحهَا، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى النُّفَسَاء، وتذكيره بِاعْتِبَار الشَّخْص أَو لعدم الإلتباس كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب فَإِن قلت: الْبَاء فِي النُّفَسَاء مَا هِيَ؟ قلت: زَائِدَة لِأَن النُّفَسَاء مأمورة لَا مَأْمُور بهَا، أويكون التَّقْدِير الْأَمر الملتبس بالنفساء.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ، بِفَتْح الْمِيم وَكسر الدَّال قَالَ ابْن الْأَثِير: مَنْسُوب إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا أحد مَا اسْتعْمل بِالنّسَبِ فِيهِ خَارِجا عَن الْقيَاس، فَإِن قِيَاسه الْمدنِي، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: تَقول فِي النِّسْبَة إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. مدنِي وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور: مديني، للْفرق. الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم. الرَّابِع: الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>