للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٠٠٣] وَمَكَاتِلهمْ جمع مكتل بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ القفة وَالْخَمِيس هُوَ الْجَيْش سمي خميسا لِأَنَّهُ خَمْسَة أَقسَام ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقلب وَضَبطه القَاضِي عِيَاض بِالرَّفْع عطفا على قَوْله مُحَمَّد وَبِالنَّصبِ على أَنه مفعول مَعَه الله أكبر خربَتْ خَيْبَر قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل تفاءل بخرابها بِمَا رَآهُ فِي أَيْديهم من آلَات الخراب من الْمساحِي وَغَيرهَا وَقيل أَخذه من اسْمهَا وَالأَصَح أَنه أعلمهُ الله بذلك إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين الساحة الفناء وَأَصله الفضاء بَين الْمنَازل وَهَذَا الحَدِيث أصل فِي جَوَاز التمثل والاستشهاد بِالْقُرْآنِ والاقتباس نَص عَلَيْهِ بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد وَابْن رَشِيق فِي شرح الْمُوَطَّأ وهما مالكيان وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم كلهم عِنْد شرح هَذَا الحَدِيث وَلَا أعلم بَين الْمُسلمين خلافًا فِي جَوَازه فِي النثر فِي غير المجون والخلاعة وهزل الْفُسَّاق وشربة الْخمر واللاطة وَنَحْو ذَلِك وَقد نَص على جَوَازه أَئِمَّة مَذْهَبنَا بأسرهم واستعملوه فِي الْخطب والرسائل والمقامات وَسَائِر أَنْوَاع الْإِنْشَاء ونقلوا اسْتِعْمَاله عَن أبي بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَابْنه الْحسن وَعبد الله بن مَسْعُود وَغَيرهم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ وأوردوا فِيهِ عدَّة أَحَادِيث صَحِيحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اسْتَعْملهُ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الاستشهاد فِي مثل هَذَا السِّيَاق بِالْقُرْآنِ فِي الْأُمُور المحققة وَقد جَاءَ فِي هَذَا نَظَائِر كَثِيرَة كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث فتح مَكَّة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل يطعن فِي الْأَصْنَام وَيَقُول جَاءَ الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل وَإِنَّمَا يكره ضرب الْأَمْثَال من الْقُرْآن فِي المزاح ولغو الحَدِيث انْتهى وَنَصّ النَّوَوِيّ أَيْضا على جَوَازه فِي كتاب التِّبْيَان وَاسْتشْهدَ بقول الْأَصْحَاب كَافَّة فِي الصَّلَاة إِذا نطق الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاة بنظم الْقُرْآن بِقصد التفهيم كيا يحيى خُذ الْكتاب وادخلوها بِسَلام وَنَحْو ذَلِك إِن قصد مَعَه قِرَاءَة لم تبطل وَإِلَّا بطلت وَألف قَدِيما فِي جَوَاز المسئلة الإِمَام أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام كتابا ذكر فِيهِ جَمِيع مَا وَقع للصحابة وَالتَّابِعِينَ من ذَلِك أوردهُ بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَة إِلَيْهِم وَمن الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ دَاوُد الشاذلي الباخلي من الْمَالِكِيَّة كراسة قَالَ فِيهَا لَا خلاف بَين أَئِمَّة المذهبين الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فِي جَوَازه وَنَقله صَرِيحًا عَن القَاضِي أبي بكر الباقلاني وَالْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ كفى بهما حجَّة قَالَ غير انهم كرهوه فِي الشّعْر خَاصَّة قلت وَقد رَوَاهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَغَيره بِالْإِسْنَادِ عَن مَالك بن أنس أَنه كَانَ يَسْتَعْمِلهُ وَهَذِه أكبر حجَّة على من يزْعم أَن مَذْهَب مَالك تَحْرِيمه والعمدة فِي نفي الْخلاف فِي مذْهبه على الشَّيْخ دَاوُد فَإِنَّهُ نَقله وَهُوَ أعرف بمذهبه وَأما مَذْهَبنَا فَأَنا أَن أئمته مجمعون على جَوَازه وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والْآثَار عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ تشهد لَهُم فَمن نسب إِلَى مَذْهَبنَا تَحْرِيمه فقد فشر وَأَبَان على أَنه أَجْهَل الْجَاهِلين وَقد ألفت فِي ذَلِك كتابا سميته رفع الالباس وكشف الالتباس فِي ضرب الْمثل من الْقُرْآن والاقتباس

<<  <  ج: ص:  >  >>