للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رب الصريمة وَالْغنيمَة وإياي وَنعم ابْن عَوْف وَابْن عَفَّان، فَإِنَّهُمَا إِن تهْلك ماشيتهما يرجعا إِلَى نخل وَزرع. وَإِن رب الصريمة وَالْغنيمَة إِن تهْلك ماشيتهما يأتني ببنيه فَيَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ أفأتركهم أَنا، لَا أبالك. فالماء والكلأ أيسر على من الذَّهَب وَالْوَرق. وأيم الله إِنَّهُم ليروني إِنِّي قد ظلمتهم إِنَّهَا لبلادهم قَاتلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأَسْلمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَام. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا المَال الَّذِي أحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله، مَا حميت عَلَيْهِم من بِلَادهمْ شبْرًا.

قلت: رَضِي الله عَنْك! مُطَابقَة التَّرْجَمَة للْحَدِيث الأول على وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سُئِلَ هَل ينزل بداره بِمَكَّة؟ وَهُوَ مُبين فِي بعض الحَدِيث وَقَوله: " وَهل ترك لنا عقيل منزلا "؟ بَين لِأَنَّهُ إِذا ملك مَا استولى عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة من ملك النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَكيف لَا يملك مَا لم يزل لَهُ ملكا أَصَالَة؟ وَإِمَّا أَن يكون سُئِلَ هَل يتْرك من منَازِل مَكَّة شَيْئا، لِأَنَّهَا فتحت عنْوَة؟ فبيّن أَنه منّ على أَهلهَا بِأَنْفسِهِم وَأَمْوَالهمْ فتستقر أملاكهم عَلَيْهَا كَمَا كَانَت. وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَأهل مَكَّة مَا أَسْلمُوا على أملاكهم، وَلَكِن منّ عَلَيْهِم ثمَّ أَسْلمُوا فَإِذا ملكوا وهم كفار بالمنّ، فَملك من أسلم قبل الِاسْتِيلَاء أولى.

وَأما حَدِيث عمر فِي الْمَدِينَة فمطابق للتَّرْجَمَة مُطَابقَة مبينَة، غير أَن عبد الرَّحْمَن وَعُثْمَان لم يَكُونَا من أهل الْمَدِينَة، وَلَا دخلا فِي قَوْله: " قَاتلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأَسْلمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَام ". فَالْكَلَام عَائِد على أهل الْمَدِينَة لَا عَلَيْهِمَا. وَالله أعلم.

<<  <   >  >>