للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا زرتَ أحْياء الأحبَّة زُرْهُم ... وإلاَّ فدَعْواك المحبَّةَ زُورُ

وقوله:

وأهْيَفٍ زارني والليلُ مُعتكِرٌ ... فأشْرقتْ من سَنا لأْلائِهِ دورُ

قالت عقاربُ صُدْغَيْه ندُور على ... لَسْعِ الحشا قلتُ ها كُنَّ الحشَا دُورُوا

وهذا في باب التورية مستظرف.

ومثلع قول بعضهم:

هَويْتُ غصناً لأطْيارِ القلوب على ... قَوامِه في رياض الوجدِ تغْرِيدُ

قالتْ لَواحظُه إنا نَسُودُ على ... بِيض الظُّبا قلتُ أنتم أعينٌ سُودُوا

وقوله من قصيدة، مطلعها:

هو الوجدُ في روضِ القلوب مَنازلُهْ ... يترجمُ عنه أين حَلَّ مُنازِلُهْ

وأين خَلِيُّ السرِّ من عارف الهوى ... فَذَا عالمٌ فيه وذلك جاهلُهْ

ولولا الهوى ما مال قلبٌ إلى الهوى ... ولا غرّدت من فوق غصنٍ بَلابلُهْ

فهل حافظ فيه حديثاً مُعَنْعَناً ... يُسائلني عنه وعنه أسائلُهْ

فمالي وللأطلالِ لا طال ظِلُّها ... أُناشدُها عمَّن ترُوح رواحلُهْ

ومالي وذِكْرِى للمَشِيبِ سَفاهة ... وقد فعل التَّشْبيبُ ماهو فاعلُهْ

ومالِي وللبَيْداءِ أقْطع مَتْنَها ... على ظهرِ يَعْبوبٍ تناءتْ مَراحلُهْ

ومالي ورَسْمِ الدارِ والرسمُ قد عفَى ... وماذا عسى يوماً يُجاب مُسائلُهْ

ومالي ووصفِ الشيبِ لا بان صَحْبُه ... ولا ظهرتْ في العارِضَيْنِ مَخائلُهْ

ولا انْفكَّ طِرْفُ اللهوِ يجرِي على الصَّفا ... بمِضْمار شوقٍ لا تكِلّ جحافلُهْ

ولا قصُرتُ يوماً خُطاه ولا انْثنتْ ... قوائمُه في السَّبْق عمَّا تُحاولُهْ

ولا زِلْتُ في ليل الشَّبيبةِ والصِّبا ... تُضيءُ علينا بالسرورِ مَشاعلُهْ

ولا عُطِّلتْ أوقاتُ صَفْوٍ ولا خلَتْ ... من الأُنْسِ ساحاتُ الهوى ومنازلُهْ

وما زال غصنُ العمرِ بالعِزِّ مُورِقاً ... ومَنْشؤُهُ صافِي المَناهلِ آهلُهْ

ولا برحت في الدهر مرآةُ عيْشِنا ... صَقِيلةَ وجهٍ لا تراه نوازِلُهْ

ولا هجرَتْ ذاتُ السِّوارِ مُتيَّماً ... يقابلُها يوم اللقا وتقابلُهْ

ولا صَدَّ خالي العارِضيْن ولا ثَنَى ... ولا مال عنِّي مائلُ القَدِّ مائلُهْ

غزالٌ متى ما رُمْتُ أُفْهِمُه الجوَى ... يغازلُني من جَفْنِه وأغازلُهْ

منها:

عواملُه في القلب قَدٌّ وحاجبٌ ... وجَفْنٌ وكم في الخلْقِ صالَتْ عوامِلُهْ

فذلك رُمْحٌ والحواجبُ قَوْسُه ... وذلك سيفٌ قد حَمَتْه حواملُهْ

به صِرْتُ أوْهَى من خيالٍ إذا سَرَى ... لذلك جسمى زائدُ السُّقْمِ ناحِلُهْ

ورأى بدار الخلافة سربا من الظّباء الغيد، قد اعتلوا النّواعير في أيام العيد.

فدارت تلك الأفلاك، بهاتيك النجوم الممثّلة بالأملاك.

فقال يصفهم:

ما شاهدتْ مُقلتي في غُرْبتي حسَناً ... إلاَّ بُدورا بدارِ الرُّومِ قد سُلِبُوا

كأن نَاعورةً دارتْ بهم طَرَباً ... قلبي فهم كيف ماشاءُوا به انْقلبُوا

وقال أيضاً:

ويومِ عيدٍ كساه الأُنسُ حُلَّتَهُ ... كم من جميلٍ به في صُورةِ المَلَكِ

بُدورُ تِمٍّ بأُفْق الحسنِ قد طلَعوا ... فزال ما كان في الأكْوان من حَلَكِ

كأنهم في نَواعيرٍ تدُورُ بهم ... نجومُ أُفْقِ السَّما في دَارَةِ الفلَكِ

ووقفت على ديوان جمعه لنفسه، وكتب على ظهره من نظمه، قوله:

ستفنى الليالي واللآلِي بحالِها ... وما هي إلا النظمُ من حافظ الوُدِّ

فإن عشتُ أنْعشْتُ الزمانَ وإن أمُتْ ... فلى شاهدٌ بالنظمِ والنثرِ من بعدِي

مرعيّ بن يوسف الكرميّ

<<  <  ج: ص:  >  >>