للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلْقُ المُحيَّا لو يلُوح شُعاعُه ... في وَجْه حظِّي لحظةً لأنارَا

أهْدَى إلىَّ رسالةً في ضِمْنها ... أهْدَى إلىَّ العمرَ والأوَطارَا

من كلِّ لفظٍ شائقٍ يبدو به ... معنًى يُدير على العقول عُقارَا

لا زلتَ تُوليني وِدادَك مُنْعِما ... وبقيتَ تعلُو في الورى مقدارَا

وإليك روض قد تفتَّح زهرُه ... فصدحتُ في عالي ذُراه هَزارَا

من كل قافيةٍ غدَتْ من حسنِها ... نَجْما كذاتِك في العلى سَيَّارَا

كالرَّاح تلعب بالعقول وإن تَشا ... كالسحرِ في حَدَقِ الحسان تَوَارَى

واُعْذُر إذا أخَّرتُ فيك مدائحي ... فلأنتَ ممَّن يقْبل الأعذارَا

لولاك ما نَظَّمتُ عِقداً دُرُّه ... ينْحلُّ فيه عَسْجَداً ونُضارَا

فالسُّقمُ قد أفْنى رُواءَ قريحتي ... بَغْياً كأن له عليها ثَارَا

أنا مَن عرفتَ مَحَلَّه من وُدِّه ... وسيْغتدى لثَرَى نِعالِك جاَرَا

واسلمْ لنا ولسُؤْدَدٍ أصبحتَ في ... سامِي حِماه تُزيِّن الأقْطارَا

وكتب إلى من تواليد طبعه المطبوع، قوله:

أحِبَّايَ إن شَطَّ الحبيبُ عن الحِبِّ ... وفارقَه يحْتاج طِبّاً على طِبِّ

فإن غابَ عن عيْني خيالُ أحبَّتِي ... فحبُّهمُ اسْتولَى على حَبَّةِ القلبِ

وما عندكم من شِدَّة الشوقِ فهْو في ... فؤاديَ فاسألْ إن شككْتَ عن الركبِ

أتاح إلهي قُربَكم ولِقاكمُ ... ليْلتئِمَ الشَّمْلُ المشتَّت بالقُرْبِ

فذاك اخْتياري ثم قصْدي وبُغْيتي ... ألا إنَّما الدنيا اجتماعُك بالحِبِّ

فلا خيرَ في عيشٍ بغير أفاضلٍ ... ولا خيرَ فيمن مالَه صاحبٌ يُنْبِى

فعنديَ طِيبُ العيش صُحبةُ عالِمٍ ... بصحْبتِه يَنْزاح عن خاطري كربِى

فيا أخلصَ الإخوانِ قد جاء منكمُ ... رشاقةُ قولٍ رائقٍ رَيِّقٍ يَسْبِى

لقد كنتُ في ضِيقٍ وهمٍّ وكرْبةٍ ... فلما أتى المكتوبُ طار به لُبِّى

ففَاح لنا من نَشْرِه طِيبُ عَنْبَرٍ ... به انْتعشتْ رُوحي وجسمِي مع القلبِ

أدباء صفد وصيدا

[أحمد الخالدي الصفدي]

هو من الفضل في ثنية، لا تتعداها إلى غيرها أمنية.

معشوق الشيم، فائض فيض الديم.

وآباؤه لهم ذكر بالجميل خالد، ومجدٌ تناولوه ولداً عن والد.

وهو قد جمع ما فيهم من المناقب، وأربى في توقد ذكائه على النجوم الثواقب.

وله تآليف فائقة، وأشعارٌ رائقة.

فمما أستحسن من شعره، قوله في تخميس الهمزية:

كنتَ نُوراً وكان ثَمّ عَماءُ ... ونبِيّاً وليس طينٌ وماءُ

فإذا كان من عُلاك العَلاءُ ... كيف تَرْقَى رُقِيَّك الأنبياءُ

يا سماءً ما طاولتْها سماءُ

وله من قصيدة طويلة، مطلعها:

مَن لي بهَيْفاءَ لا أسْطِيعُ سُلوانَا ... عنها وفي دمعِ عيني عَيْن سُلْوانَا

أجَلْ ومن حبِّها قد هْمِتُ ذا قَلَقٍ ... فسَلْ حنيناً وسلْ بدراً وسل آنَا

وقد حوتْ رقَّةً منها شهدتُ فلم ... أقدرْ على النفسِ لولا لطُفها جانَا

مذا أقبلتْ ناهزتْني في مُداعبةٍ ... فصرتُ منها عليلَ القلب حَيْرانَا

حسن الدّرزيّ العيلبونيّ

القول في عقيدته مُتشعِّب، والأمر في تبْرئته وعدمِها متصَعِّب.

وأنا لا أشكُّ في إيمانه، وأعتقد فيه ما يعتقده أهل زمانه.

وأقول إذا وصفت شانه: إن إطلاق الدّرزيّ عليه مما شانه.

كيف وتوبة هذا الحزب ردّها الشرع، والحاكم بقبولها مخالف لأمر الله في الأصل والفرع.

وقد جمعني وإيّاه القضاء والقدر، في أوقات كنت لاأعرف فيها الغمّ والكدر.

فرأيت رجلا ذا لسان فصيح، جارياً من هواه في ميدان لهوٍ فسيح.

لايصدّ إذا صمّم، ولا يردّ عما يمّم.

وهو يغالي في شعره، ويتشكّى كساد سعره.

<<  <  ج: ص:  >  >>