للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظرْ محاسنَهُ دَرَّاً كمَبسَمِه ... منه كدمعِك دُرُّ اللفظ ينتثرُ

منها:

عيْناه في القلب أغصانُ الهوى غُرِساَ ... ورُبَّ غَرْسٍ جَناه الصَّابُ والصَّبِرُ

أوْلَيْتُ للشوقِ قلباً ليس يرجع من ... هجرٍ أيرجعُ ماءٌ حيث ينْحدرُ

ومن مديحها قوله:

يكاد بدرُ الدُّجَى يُنْمَى لطلْعتِه ... لو كان يمشي على وجهِ الثرى القمرُ

قضى الإلهُ بأن يُفْدى بحاسدِه ... فما له حسَدٌ باق لو عُمُرُ

والدهرُ لو أنه نَاواه لانْقلصَتْ ... ظلالُه ورأينا الناسَ قد حُشِرُوا

له عزائمُ زان الحِلمُ سَطْوتَها ... ينْقَدُّ إن شامَها الصَّمْصامَةُ الذَّكَرُ

منها:

وافَيتُ باكِرَ لا أرجو سواهُ وما ... سواه ليس له نفعٌ ولا ضَرَرُ

وجئتُ سَبْسَبَ خَطْبٍ من مَناسِمِه ... بسيْل ذَوْب اصْطباري تملأُ الحُفَرُ

وأيْنُقِي حين أحْدُوها بمدْحك لا ... يكاد يلْحقها من سُرعةٍ نَظَرُ

كأنها ابْتلعتْ بِيدَ الفَلا وسرتْ ... في السُّحْبِ تقصِد حيث الغيثُ ينْهمرُ

فظَهْرهُنَّ حرامٌ إذْ بلَغْنَ إلى ... نادٍ يحِلُّ بمن قد حلَّه الوَطَرُ

منها:

وهذه مِدَحي في طَيِّ أسطُرها ... عَبِيرُ ذكرِك في الأقْطار يْنتشرُ

عذراءُ ترفُل في ثوبِ البلاغ لها ... من القوافي حُجولٌ صاغَها الخَفَرُ

ألفاظُها كصخورٍ في متانتِها ... وكلُّ لفظٍ به معناه مُنتقرُ

وله من قصيدة، أولها:

صَبابةُ لا اصْطبارَ يضمِرها ... ومهجةٌ لا خليلَ يعذُرُهَا

ودمعةٌ لا الزَّفيرُ يُنضِبها ... وزفرةٌ لا الدمُوع تُضمرُهَا

وعَشْقةٌ قد أبان أولُها ... أن هلاكَ المحبِّ آخرُهَا

فكل نارٍ وإن علَتْ خمَدتْ ... سوى التي وَجْنةٌ تُسِّعُرهَا

وَيْحَ جريحِ اللِّحاظ عِلَّتُه ... في الطبِّ حيث الطبيبُ خِنْجرُهَا

ثباتُ عينُ الحبيبِ ليَلته ... كالنجمِ لكن أبيتُ أسهَرُهَا

لولا الكرى قامت مُرنَّحةً ... لم تكُ أيدي الجفونِ تهْصُرُهَا

لي زَفْرةٌ لم أزلْ أُصعِّدُها ... ودمعةٌ لم أزلْ أُقطِّرُهَا

ما العشقُ إلا كالكِيمياءِ أنا ... دون جميعَ الأنام جابرُهَا

تبْسَم إن كُلِّمتْ مَشاكِلُها ... ودُرُّ دمعي غدا يُناظِرُهَا

هيفاءُ ما الغصنُ مثلَ قامتِها ... لكنَّ أعْطافَه أشايِرُهَا

أعشق من أجْلها الكَثِيبَ إذا ... يضمُّ أمثالَه مَآزِرُهَا

وأحسِد البدرَ في محبَّتها ... فغيرُه لا يكاد يْنظُرهَا

وألثَمُ المسكَ والعبيدَ عسى ... يكون مما فتَّتْ ظفائرُهَا

لله ما في الهوى أُعالجُ من ... لواعِجٍ في الهوى أُصابِرُهَا

يا حبَّذَا خُلْسةٌ ظفرتُ بها ... في غَفلةٍ للزمان أشكرُهَا

حيث لعْهدٍ غدتْ تمُدُّ يداً ... لم تدْرِ أسرارَها أساورُهَا

يسألها خاطرِي الوصالَ ولا ... يُجيب عنه إلَّا خواطرُهَا

ليت ليالي الوِصالِ لو رجعتْ ... أوْليت قلبي معي فيذكرُهَا

ومن مقاطيعه قوله:

لا تُلمْ من شكا الزمانَ وإن لم ... تَشْفِ شكْواه علَّةَ المَجْهودِ

إنما يُحوِج الكرامَ لشكْوَى ... شوقُ ما في طباعِهم من جُودِ

وهنا أذكر ثلاثة من بلغاء النثر والنظم، نسقهم الشِّهاب في مطالع خباياه نسق النظم.

فمنهم:

[السيد محمد بن عمر العرضي]

هو من ألقيت إليه في كرم الطبع أعنة السلم، فلولا توقد ذهنه لا خضر في يده القلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>