للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يسرْ سار جملةً كانْحطاطٍ ... من عُلُوٍّ يجوز رُكْنا فركنَا

كاملُ القَدِّ لم يُسايرْه قِرْنٌ ... في مَقامٍ إلَّا وقد طال قِرْناً

وإذا رام منطقَ القوْ ... لِ بثَغْرٍ فيُوزن اللفظَ وَزْنَا

دائمُ الفكرِ مظهرٌ لسرورٍ ... في مُحيَّاه وهْو يكتمُ حُزْنَا

فعليه الصلاةُ كلَّ مساءٍ ... وصباحٍ ما صيِغَ في القول مَعنَى

وله في شريف، يدعى بالحسن:

في دَعَةِ الله إن ظعْنت وخلَّفْ ... تُ شريفاً يا ليته ظَعَنَا

فرَّق بيني وبينه زمنٌ ... لَا يْنتُه وهْو لم يزل خشِنَا

لا أبصرتْ مُقلتي محاسنُه ... إن كنتُ أبصرتُ بعده حَسَنَا

وله مضمنا بيت الفرزدق، وقد نسخه عن معناه الأول، وجعله في الدخان:

وظبي غريرٍ بات عصْراً مؤانسِي ... وليس سِواه من جليسٍ ونُدْمانِ

فقد أصبح الغلْيونُ قائد جوهرٍ ... بِثغْرٍ له يحكى عقودَ جُمانِ

يقودُ ليَ الرِّيقَ البُرادَ الذي به ... غدتْ تنْطفِي لَوْعاتُ قلبي ونيِرانِي

وأُضْرِمه حيناً بنار حُشاشتي ... فللهِ من ضِدَّيْن يعْتلجانِ

وبتُّ أفدِّي الزَّادَ بينى يوبينه ... على ضوء نارٍ بيْننا ودُخانِ

ومن بدائعه قوله:

وَبْلاه من جيدٍ كماءِ الحياهْ ... حَفَّ به زِيقٌُ كشَطِّ الفُراهْ

كأنما أطْواقُه حولَه ... فَوَّارةٌ تُمطرُ ماءَ الحياهْ

وقوله في القهوة، مضمنا بيت المتنبي في مدح كافور:

برُوحِي غزالٌ راح يُتْرِع قهوةً ... براحتِه البيْضاءِ تحكْي الغواليَا

فقرَّتْ به عينٌ تُطالع وجْهَه ... وثَغْرُ ثَناياه نُظِمْنَ لَآليَا

فأحْبِبْ بها سوداءَ مِسْكيَّةَ الشَّذَا ... ولولا سوادُ المِسْك ما كان غاليَا

لقد نظَمْت شَمْلَ المُحبِّ بِحبِهِّ ... وأنْسَتْ بياضَ الماء مَن كان صَادِيَا

فجاءتْ بنا إنْسانَ عين زمانِه ... وخلَّتْ بياضاً خلفها ومآقِيَا

وقوله:

قيل لي كم ولِمْ تُرى تَتمادَى ... في الهوى والطريقُ وَعْرٌ قَصِيُّ

قلتُ ظنِّي بالله ظنٌّ جميلٌ ... وبخْير الأنام جَدِّى علىُّ

إن لله رحمةً تسَعُ الخَلْ ... قَ جميعا فمَن هو العُرْضِيُّ

[فتح الله بن النحاس]

أنا لا أجد عبارة تفي في حقه بالمدح، فأرسلت اليراع وما يأتي به على الفتح.

وناهيك بشاعر لم يطن مثل شعره في أذن الزمان، وساحرٍ إذا أشربت كلماته العقول استغنت عن الكؤوس والندمان.

سهام أفكاره تفك الزَّرد، وكنانة آرائه تجمع ما شت وشرد.

فهو للمعاني الباهرة مخترع، وآت منها بأشياء لم يكن بابها قرع.

وباب الفتح لم يغلق، وكم في خزائن الغيب من أشياء لم تخلق.

فسارت بأشعاره الصبا والقبول، وصادفت من الناس مواقع القبول.

كأنها نفس الرَّيحان المبتل، يمزجه بأنفاس النَّور نسيم الروض المعتل.

أسْرَى وأسْيَرُ في الآفاق من قَمرٍ ... ومن نسيمٍ ومن طيْفٍ ومن مَثَلِ

وقد اثبت من متخيات قصائده، وأدبه الذي علقت القلوب في مصائده.

ما لم يتغن بمثل خبره الحادي والملاح، ولم تزه بأحسن من وصفه قدود الحسان وخدود الملاح.

قال البديعي في وصفه، وذكر ابتداء أمره وإيراد لمع من نثره وشعره: نشأ في الشهباء ووجه نسخة البدر في إشراقه، يناجي العاذل عن عذر عشاقه.

وهناك ما شئت من منظر عجيب، ومنطق أريب.

كأن الجمال ملكه رقه، ولم ير غيره من استحقه.

وهو مع تفرده بالحسن، ولوع بالتجني وسوء الظن.

بصير بأسباب العتب، يبيت على سلم ويغدو على حرب.

كم متيمٍ في حبه رعى النجم فرقاً من الهجر، لو رعاه زهادةً لأدرك ليلة القدر.

بخيل بنزر الكلام، يضن حتى برد السلام، لا يطمع الدنف بمرضاته ولو في المنام.

وأبناء الغرام يومئذ يفدونه، ويرون كل حسن دونه.

ومُذ بدا العارضُ في خدِّه ... بُدِّلت الحمرةُ بالاصْفرارْ

<<  <  ج: ص:  >  >>