للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضاع به نَشْرُ الخُزَامَى فعطَّرتْ ... نسيمَ الصَّبا منه ويا حبَّذا العِطْرُ

بدائعُ من حُسْن الربيعِ كأنَّها ... إذا ما بدتْ أوصافُ سيِّدنا الغُرُّ

ويستحسن له قوله:

كأنما الوجهُ والخالُ الكريمُ به ... مع العِذارِ الذي اسْوَدَّتْ غَدائرُهُ

بيتُ العتيقِ الذي في رُكْنِه حَجَرٌ ... قد أُسْبِلتْ من أعالِيه ستائرُهُ

أخذه من قول سيف الدين المشد:

يامَن عِذارُه وأصْداغُه ... حدائقٌ هِمْتُ بأزْهارِهَا

لو لم يكنْ خَدُّك لي كعبةً ... لَما تعلَّقتُ بأسْتارِهَا

إلا أنه زاد فيه تشبيه الخال بالحجر.

ولقد أجاد يوسف بن عمران، في قوله يصف أرمد:

حين خُبِّرتُ أن في الطَّرْفِ منه ... رمَداً زاد في ذُبولِ المَحاجِرْ

جئتُ كيْما أزورَ مِن وَجْه بَدْرِي ... كعبةَ الحسنِ تحت سُود السَّتائرْ

[محمد بن أحمد الشيباني]

ذو الرأي الأصيل، وواحد النجابة والتحصيل.

مساعيه منيفة شريفة، وخلائقه كأنها روضةٌ وريفة.

ترف النضرة فيه من كمامه، ويكرع الظمآن من آدابه في غمامه.

وأرَى رقيق المدحِ يخدم نَعْتَهُ ... فلَذاك أضْحَى كلُّ نَعْتٍ تَابِعَا

وقد أثبت له ما اتخذ النجوم الزهر من فريقه، وجاء ممتزجا بمدام الساقي وريقه.

فمنه قوله، من قصيدة أولها:

حتى مَ لَيْلِي بالتَّجنِّي ألْيلُ ... وإلى متى إدْبارُ صُبحى مُقبِلُ

ما لي أرى هذِي النجومَ تحيَّرتْ ... أَأَضَلَّتِ التَّسْيارَ أم لا تعقل

أم أسْكر الفلك الأصيل فأُقْعِدتْ ... عن سيْرِها أم بالبُروق تسَلسَلُ

يا قِبْلتي في حاجبَيْك نواظرِي ... آياتُ نُورٍ للصلاةِ تُرَتَّلُ

ما كان أحْسَن لو عطفْتِ ولم أقُلْ ... ما كان أقْبَح هَجْرُ مَن هو أجْملُ

قلبي الكِمامُ وأنتِ فيه الزَّهْرُ هل ... يُرضِيك بيتُك بالتجنِّي يُشْعَلُ

من مديحها:

فالدهرُ إن رقَم الأُلى في صفحةِ الْ ... أيامِ فهْو لها حسابٌ مُجْمَلُ

يا خيرَ من فاق الأُلى في عصرِه ... أنتَ الأخيرُ وفي الفضائل أوَّلُ

بك أن يهنَّى العبدُ فهْو حقيقةٌ ... ولك الهناءُ بها مجازٌ مُرْسَلُ

وقوله من أخرى مستهلها:

أما والهَوَى لو أوْضحَ العُذْرَ كاتمُهْ ... لأقْصرَ لاحِيه وأحْجَم لائمُهْ

ولو خبَّرُوا ظَبْيَ النّفارِ بحالتي ... لآنَس لكنْ مُسْهَر الجَفْن نائمُهْ

برُوحِي وأيُّ الرُّوحِ أبقى ليَ الهوَى ... غزالاً حلَتْ لِي في هواه عَلاقِمُهْ

رقيقُ الحَواشِي كادَ من لُطْفِ عِطْفِه ... يُمَنْطِقُه من رِقَّة الخَصْرِ خاتمُهْ

ترَاءَت لمِرآةِ الخدودِ جفونه ... فظَنّ نباتاً فوق خَدّيْه شائِمُهْ

كأن حسابَ الحسنِ كان مُفرَّقاً ... فجمَّعه في طِرْس خدّيْه راقِمُهْ

كما جمَّع الأفْضالَ والمجدَ والنَّدَى ... إمامُ الهدى مولَى الزمانِ وعالِمُهْ

منها:

فيا نَجْمَ أُفْقِ الفضلِ بل شمسَه التي ... أنار بها من غَيْهبِ الجهلِ قاتمُهْ

تهنَّ بعِيدِ النحرِ يا خيرَ ماجدٍ ... تهنَّتْ به أعْيادُه ومواسِمُهْ

ودونَك غَرَّاءَ القوافِي كأنها ... إذا أُنْشِدتْ رَوْضٌ تغنَّتْ حمائمُهْ

بها ما بجسْمِي من هوَى الغِيدِ رِقَّةً ... لذلك نمَّتْ بالذي أنا كاتِمُهْ

لك الخيرُ هل مُسْتَكثَرٌ شعرُ شاعرٍ ... أُنِيطتْ على نظمِ القريضِ تمائمُهْ

أراني إذا ما قلتُ شعراً تنكَّرتْ ... وُجوهٌ وعابَتْهُ عليَّ أعاجمُهْ

لئن جهِلوا نثْراً فإنِّي بَدِيعُه ... أو اسْتحسنوا نَظْما فإنِّي كشَاجِمُهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>