للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادَّعَو أن خَصْره في انْتحال ... فلذا بان قَدُّه المَمْشوقُ

وأقاموا الدليلَ رِدْفاً ثقيلاً ... قلتُ مهلاً دليلُكمْ مَطْروقُ

وممن منشآته قوله من رسالة: يقبل الأرض معترفاً برق العبودية قرباً وبعداً، ومقراً بأن فراق تلك الحضرة الزاكية لم يبق له على مقاومة التصبر جهداً.

ارتكب مجاز التصبر ليفوز بحقيقة الاصطبار، واستعار لقلبه جناح الشوق فهو هو يود لو أنه نحوكم قد طار.

عجل عليه البين بدنو حينه، وسبك في بودقة خدوده خالص إبريز دمعة عينه.

وقطر بتصعيد أنفاسه لجين دموعه، ونفى بتأوهه وأنينه طير هجوعه.

بين أيادي من حلاه الله بأشرف المناقب، ورفع رتبته العلية على أعلى المراتب.

ونصب له لواء المجد، وخفض له جناح السعد.

المجزوم بأنه أوحد العصر والأوان، والمحكوم بقصر الفضل عليه من غير احتياج إلى حجة وبرهان.

من فتح لأبناء دهره أبواب التحقيق، وفاق أقرانه بحسن التنقيح والتدقيق.

وحل من مشكلات العلوم ما أعجز كل نحرير، وأبرز غواضم الدقائق على أطراف الثمام بأحسن تقرير.

فهو المسند إليه في باب العلم، والمشار إليه بأنه إمام الحلم.

وله من رسالة أخرى: انفتح له في فضل تصريف الأيام أبواب المزيد، وتسلطت عل أصوله أيدي العلل فعاين العذاب الشديد.

فحاله رق له أولو التمييز، ومتى ارتفعت زفراته بعامل التجني من يوسف الملاحة نادى أيها العزيز.

تناوب في إهلاكه ماضي طرفه وسمهري قده فقرأت باب تنازع العاملين، وتمادى موصول جفاه فأرسل سحاب الناظرين.

وأوقع الفؤاد في عروض الأسقام، وآذن بتقطيع الأوصال بسيوف الغرام.

[محمد بن حسن الكواكبي]

عنوان كتاب العلى، يكتب آخراً ويقرأ اولاً.

له يفرض الشكر ويحتم، وبه يبدأ الذكر ويختم.

فلهذه ختمت به باب أولى الفتوة والبسالة، كما ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم باب النبوة والرسالة.

فإنه من خلص نحلته، القائم بتأييد ملته.

ومن تقدمه بالنسبة إليه، كلهم في الفقه عيالٌ عليه.

فهم مقدمات لشكل الفضل الأول، وهي النتيجة التي عليها في القياس المعول.

فقد يتأخر الهاطل عن الرعد، والنائل عن الوعد.

ومراتب الأعداد، تترقى بتأخير رقمها وتزداد.

وتجيءُ فَذْلَكةُ الحسابِ أخيرةً ... لتكون جامعةَ العديد الأوْفرِ

ولا غرو فالكبير تتقدمه المواكب، والشمس بطلوعها تغيب الكواكب.

فهو النير الأعظم، وعصماء عقد النفاسة المنظم.

مزاياه تستغرق الألفاظ من النثير والنظيم، والذي قسم الحظوظ بين الناس حباه بالخلق العظيم.

وقد متعه الله بحوالسه وأعضائه، وأمته بني الدنيا بإيناسه وإغضائه.

فاقتعد الرتبة التي أرته إلى الفلك صاعدا، وصحب الهمة التي صيرته يتناول الكواكب قاعداً.

وأنا إذا أردت وصفه الذي بهر، وبدا كالصبح إذا اشتهر.

قلت في شأنه الباهر، ومحله الزاهي الزاهر:

ليت الكواكبَ تدْنُو لي فأنْظمِهَا ... عقودَ مدحٍ فلا أرضَى له كَلَمِي

وله من النظم الذي أبدعه فكره، واكسب صحائف الأيام فخر الأبد ذكره ما يسمو إلى الأسماع سمو حباب الماء، ويعمل في القلوب عمل الأفعال في الأسماء.

فمنه قوله مضمناَ بيتي المرسي:

حتَّى م في ليلِ الهمو ... مِ زِنادَ فكرِك تقْتدِحْ

قلبٌ تحرَّق بالأسَى ... ودموعُ عيْنٍ تنْسفِحْ

ارْفُق بنفسِك واعْتصِمْ ... بحِمَى المهيْمِنِ تنْشرحْ

اضْرَعْ له إن ضاق عن ... ك خِناقُ حالِك تنْفسِحْ

ما أَمَّ ساحةَ جُودِه ... ذُو مِحْنةٍ إلا منحْ

أو جاءَه ذو المُعْضِلا ... تِ بمُغْلَق إلا فتَحْ

فدعِ السِّوَى وانْهَجْ على النَّ ... هجِ القويمِ المُتَّضِحْ

واسمعْ مقالةَ ناصحٍ ... إن كنتَ ممَّن ينْتصِحْ

ما تمَّ إلا ما يُري ... د فدَعْ مُرادَك واطَّرِحْ

واتْرُكَ وَساوسَك التي ... شغلتْ فؤادَك تسْترَح

وله في الغزل:

<<  <  ج: ص:  >  >>