للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبِي الذي كَتمتْ مَحبَّتُه ... مِنِّي الحَشا فعَليْه ينْضَمُّ

لا لا أُصرِّح باسْمِه أبداً ... ويجِلُّ أن يُجْلَى له وَسْمُ

وأقولُ يا نُعْمٌ وآوِنَةً ... سَلْمَى ولا نُعْمٌ ولا سَلْمُ

يا عاذِلي إن كنتَ ذا رَشَدٍ ... آذانُ كلِّ مُتيَّمٍ صُمُّ

أقْصِرْ فما عَذَلٌ بِمُتَّبَعٍ ... سِيَّان فيه القُلُّ والْجَمُّ

إن رُمْتَ تَصْديقِي فلُمْ رَجُلاً ... في رَاحَتيْه يغْرَقُ الْيَمُّ

وقوله، مضمنا:

ورُبَّ فتىً في مَعْبَرٍ قد تَلاعَبَتْ ... به الرِّيحُ في شَرْقِ المَحَلِّ وغَرْبِهِ

إذا ذهبَتْ ريحُ الشَّمالِ بسَمْعِه ... وبالبصرِ الرِّيحُ الجَنُوبُ وسَلْبِهِ

يُناديهما ريحَ الجَنُوبِ وقد مضَتْ ... بما أسْأراه من بَقيَّةِ لُبِّهِ

بعَيْشِكما لا تَتْرُكاه مُرَوَّعاً ... خُذا مِن صَبَا نَجْدٍ أماناً لِقَلْبِهِ

وقوله، وفيه الإيداع:

وَرْدةُ الخدِّ نَوَّرَتْ ... فاخْتشَى قَوْلَ هَاتِهَا

فحَماها بجَمْرةٍ ... لم أكُنْ مِن جُناتِهَا

يريد قول الأول:

لم أكُنْ من جُناتِها شهِد اللَّ ... هُ وإنِّي لِحَرِّها صَالِي

وله:

شارِبُه المُخْضَرُّ مُذ لاح في ... مُحْمَرِّ ياقوتٍ له مُسْتَطابْ

فحدَّه بالقَصِّ لمَّا غَدَا ... سَكْرانَ من خَمْرِ الثَّنايا العِذَابْ

وله في مليح، يأكل قاتاً:

أُشَبِّهُ ثَغْرَه والْقاتُ فيه ... وقد ذهبتْ بفِتْنتِه القلوبُ

لآلٍ قد نَبَتْنَ على عَقِيقٍ ... وبيْنهما زُمُرُّدَةٌ تذوبُ

آخر الجزء الثالث، ويليه الجزء الرابع، وأوله: الباب السادس

في عجائب نبغاء الحجاز استدراك سقط أثناء الطبع في صفحة ٥٧٤ بعد قوله:

همتُ بها وأعجبُ الإبْداعِ ... ذو طَيْلَسانٍ هام في قِناعِ

قوله:

أفدي بقلبِ المُسْتهامِ دَلّها ... مَن ذا على قتْل النفوس دَلّهَا

الجزء الرابع

الباب السادس

في عجائب نبغاء الحجاز

هذا الباب ورب الكعبة، أعظم ما حوته الجعبة.

وهو باب واسع الأطناب، والإيجاز فيه أولى من الإطناب.

فإذا قل مدحي في أوصاف أهله نثيراً ونظيماً، فإن فكري يمر بنعتهم فيقف له إجلالاً وتعظيماً.

فإن بسطت القول، مع هذه القوة والحول فعلى الصراط أحكم الأوصاف، وفي الميزان أتوفى الإنصاف.

وغاية ما أقول إذا وجهت إلى الكعبة مجدهم صلوات التقديس والتعظيم، وزينت معاطفها بدر ثناء أبهى من در العقد النظيم:

كفى شَرفاً قُطْراً به أهلُ مكةٍ ... على جسَدِ المجدِ الموثَّلِ رَاسُ

وما الناسُ إلاَّ هُمْ وليس سواهُمُ ... إذا قال ربُّ الناسِ يا أيها النَّاسُ

فأول من أبدأ به منهم آل البيت والمقام، ورؤساء النبعة التي تقرأ في صحائفهم فواتح الأرقام.

وهم الأشراف بنو حسن بن أبي نمى أصحاب النسب الواضح، ونخبة قريش الأباطح.

ورونق ضئضىء المجد وبحبوح الكرم، وسراة أسرة البلدة التي أكنافها حرم، وذؤابة الشرف التي مجاذبتها لم ترم.

مون الفضل المبر، الذين سقوا شجر الكرم بغيث البر.

أقول فيهم مقالة يحيى بن معاذ: طينةٌ عجنت بماء الوحي وغرست فيها أشجار النبوة، وسقيت بماء الرسالة والفتوة.

فهل يفوح منها إلا مسك الهدى، وعنبر التقى، وهل تثمر إلا ثمار الندى، وتهدل إلا الأغصان الشامخة المرتقى؟ شرفٌ ضخمٌ ونائلٌ جزيل، وفخر شاهداه وحيٌ وتنزيل.

يفتخر الزمان بوجودهم على ما مضى من الأزمنة وسلف، ويتوج الدهر بأيامهم الخضر رءوس سنية فيحصل لها بذلك غاية الشرف.

الشريف إدريس بن حسن سلطان الأكياس، ومن سيرته سيرة ابن سيد الناس.

رفعه الله مكاناً علياً، وأغدق عليه عهاد المجد وسمياً وولياً.

فأبوابه كعبةٌ تطوف بها آمال العفاة، وتصلى بالقبل إلى أبوابها الشفاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>