للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورقيب عدمته منن رقيب ... أسود الوجه والقفا والصفات

هو كالليل في الظلام وعندي ... هو كالصبح قاطع اللذات

وسألت في وقت صاحبنا الشيخ برهان الدين القيراطي هل تحفظ شيأ مليحاً في هجو الرقيب فسكت لحظة وأنشدني لنفسه:

قال لي صاحب يروم قريضا ... في هجاء الرقيب فهو قبيح

عندكم في الرقيب شيء مليح ... قلت ما في الرقيب شيء مليح

وقلت أنا من قصيدة:

فديتك قد غاب الرقيب فغن لي ... وقل في ثقيل نحسه متغيب

رقيب نفى عن أرض ليلى عشية ... وأخرج منها خائفاً يترقب

وقلت أيضاً:

عاذلي في الحبيب دعني فإني ... برحت بي في حبه البرحاء

راقب الله في محب حبيب ... من نجوم السمالة رقباء

وقلت أيضاً من قصيدة:

فبت ولي شغل عن العذل شاغل ... يذود الكري عني من السهد ذائد

وقلت أيضاً من رسالة:

وأما الرقيب فأمره عجيب

وغلق الباب في وجهه نصر من الله وفتح قريب فهو بالنهار من الذين يراؤون وبالليل ابن فاعلة لا ينام ولا يخلي الناس ينامون فأذاه إذا ورد من بعيد أقرب من حبل الوريد والعاشق بينه وبين العذول ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد فهو إن قعد قامت القيامة وإن راح لا كتب الله عليه سلامة.

[فصل]

[النمام والواشي]

[وما أظرف ما سمعت في ذلك]

قال لي عودي غداة رأوني ... ما الذي تشتهيه واجتهدوا بي

قلت مقلي به لسان وشاة ... قطعوه فيه بصنع عجيب

وأضافوا إليه كبد حسود ... فقئت فوقها عيون رقيب

وهذا مأخوذ من كلام بعض العشاق وقد قيل له ما الذي تشتهيه. فقال أعين الرقباء وألسن الوشاة وأكباد الحساد.

وقال آخر:

لي عندهم يوم التواصل دعوة ... يا معشر الجلساء والندماء

أشوي بها قلوب الحاسدين بها ... وألسنة الوشاة وأعين الرقباء

وقال صلى الله عليه وسلم " أبغضكم إلي المشأون بالنميمة المفرقون بين الأحبة ". وقال صلى الله عليه وسلم " أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى منهم: رجل يأكل لحوم الناس ويمشي بالنميمة ".

وقال وضاح اليمني:

فاعص الوشاة فإنما ... قول الوشاة هو الفتن

إن الوشاة إذا أتو ... ك تنصحوا ونهوك عن

حكي أنه غنى معن بحضرة السلطان عماد الدين زنكي صاحب الشام بقول الشاعر:

ويلي من المعرض الغضبان إذ نقل ... الواشي إليه حديثاً كله زور

سلمت فازور يثني قوس حاجبه ... كأنني قوس خمر وهو مخمور

فاستحسنهما السلطان وقال: لمن هما. فقيل: لابن منير فأمر بإحضاره ليتخذه نديماً ويحله من حضرته مقاماً عظيماً.

وقال السري:

وألقاك بالبشر الجميل مداهناً ... فلي منك خل ما علمت مداهن

أنتم بما استودعته من زجاجة ... يرى الشيء فيها ظاهراً وهو باطن

وقال شهاب الدين الأثير:

إني بحبك مستهام مغرم ... وسوى هواك على القلوب محرم

لا تسمعي قول الوشاة فإنهم ... زادوا الكلام ونقصوه وتمموا

فمناي أن ترضي ولو بمنيتي ... أي الطلاق ثلاثة لي يلزم

وقال آخر:

شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة ... ويستبيح دم الحجاج في الحرم

خصاله لست أحصيها لكثرتها ... لكتها جمعت في نون والقلم

يشير إلى قوله تعالى هما زمشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم وجاء في التفسير إن الهماز الذي يهمز الناس أي يذكرهم بالمكروه ويأكل لحومهم بالطعن والغيبة.

وعن الحسن هو الذي يلوي شدقيه في أقفية الناس وقيل الهمزة المؤاخذ بالمواجهة واللمزة بظهر الغيب وقيل بالعكس وقيل الهمزة جهراً واللمزة سراً بالحاجب والعين والنمام ناقل الكلام السيء وقد أكترث الشعراء من ذمه وخالفهم ابن رشيق فقال:

لم كره النمام إخواننا ... أساء إخواني وما أحسنوا

إن كان نماماً فمعكوسه ... من غير تكذيب لهم مأمن

وقال آخر:

<<  <   >  >>