للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلوت بها لا يخلص الماء بيننا ... إلى الصبح دوني حاجب وستور

ذكرت بقولي أن في أول الباب الأحوال الذي يرى الشيء شيئين قول بعض المغاربة في مليح له رقيب أحوال.

بأبي رشا يحوى مع الإحسان ... ملكية موضوعها إنساني

أحوى الجفون له رقيب أحول ... الشيء في إدراكه سيآن

يا ليته ترك الذي أنا مبصر ... وهو المخير في الغزال الثاني

وقال ابن اسرائيل من ذو بيت ... قد بالغ في حديثه بالمين

من قال رأيت مثله بالعين:

ما يبصر مثله سوى ذي حول ... من حيث يرى الواحد كالاثنين

وقول صدر الدين بن الوكيل:

يقولون لي لم ذا كلفت بأحوال ... يقلب بالزوجين قلت لهم عذرا

رأت كل عين حسن أوصاف أختها ... فعادت بطول الدهر تنظرها شزرا

[الباب الرابع والعشرون]

[عود المحب كالخلال وطيف الخيال]

[وما في معنى ذلك]

[من رقة خصر الحبيب وتشبيه الردف بالكثيب]

أقول هذا باب عقدناه لذكر من أدى به النحول إلى الذبول وأصبح كالطلل بين الطلول فهو من شدة الضر كما قال صردر:

وكم ناحل بين تلك الخيام ... تحسبه بين أطنابها

فمحبوبه في الجفاء واحد كالألف وهو في رقته كالخيال يمشي إلى خلف.

ولما رأتني كعود الخلال ... وجسمي كما ينسج العنكبوت

فقالت تموت إلي كم ت ... ... فقلت أني ... إلى أن أموت

والعلم المشهور في هذا الباب قول المتنبي:

أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني ... وفرق الهجر بين الجفن والوسن

روح تردد في مثل الخلال إذا ... أطارت الريح عنه الثوب لم يبن

كفى بجسمي نحولاً أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني

وقال أيضاً:

ولو قلم القيت في شق رأسه ... من السقم ما غيرت من خط كاتب

وقال أيضاً:

إلام طماعية العاذل ... ولا رأي في الحب للعاقل

يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل

وإني لأعشق من عشقكم ... نحولي وكل فتى ناحل

ولو زلتم ثم لم أبككم ... بكيت على حبي الزائل

وقال المعمار

ترك اصفراري والنحول كلاهما ... في العشق جسمي ينذر العشاقا

فكأنه ألف بخط مذهب ... جعل الدجى أرقى له أوراقا

وقلت أنا من قصيدة:

كأن ضباب الأفق ند سرت به ... نسيم الصبا من نحو أرض الأحبة

كأن الصدا بين الجبال متيم ... ولم يبق منه غير صوت وأنة

وقال المتنقل:

إن جفاني الكرى وواصل قوماً ... فله العذر في التخلف عني

لم يخل الهوى بجسمي شخصاً ... فإذا جاءني الكرى لم يجدني

وقال ابن لؤلؤ:

وأرقني خيال من حبيب ... ثناءت داره لما رآني

فمن سهري يلم فما أراه ... ومن سقمي يطوف فما يراني

وقال محي الدين بن عبد الظاهر:

أيها الصائد باللحظ ومن ... هو من دون الورى مقتنص

لا تسم طائر قلبي هرباً ... إنه من أضلعي في قفصي

وقال مضر المغربي:

أذابه الحب حتى لو توهمته ... بالوهم خلق لا عياهم توهمه

لولا الأنين ولوعات تحركه ... لم يدره بعيان من يكلمه

وقال محاسن الشواء:

ضنيت وضن من أهوى بوصل ... وعاداني الخيال وكان عائد

فأشبهت الذي للسقم نقصاً ... وإن خالفته صلة وعارض

وقال الأرجاني:

ولولا سناها لم يروني من الضنى ... ولا أصبحوا من أجلها خصمائي

ولكن تجلت مثل شمس منيرة ... فلحت خلال الضوء مثل هباء

وقال آخر:

قد كان لي فيما مضى خاتم ... فدق جسمي فتمنطقت به

وزاد بي السقم فلو زج ... في مقلة النائم لم ينتبه

وقال أبو العتاهية:

لم يبق إلا القليل في ... وما أحسبها تترك الذي بقيا

وقال آخر:

<<  <   >  >>