للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيت العاشقين لهم جسوم ... براها الشوق لو نفخوا لطاروا

وقال بن عبد ربه:

ولما أن رأى أهلي سقامي ... تجاوز حده حد السقيم

سددت منافس النسمات عني ... مخافة أن أطير مع النسيم

وقال آخر:

وإذا عائد دنا لكلامي ... لعبت بي أنفاسه في الفراش

وقال آخر:

عبثت به أيدي الضنى فكأنه ... سر خفي في ضمير كتوم

أنحلني حبك يا متلفي ... وزادني الشوق فلم أعرف

وذبت حتى لو رمى بي الهوى ... في ناظر الناظر لم يطرف

وقال ناصر الدين الفقعسي:

يقول جسمي لنحولي وقد ... أفرط بي فرط ضنى واكتئاب

فعلت بي يا سقم ما لم يكن ... يلبس والله عليه الثياب

ومما ينخرط في هذا اليلك ما وصفت به الشعراء الخصر من الخول وقد بالغ ابن إسرائيل فيه حيث قال وأحسن في المقال:

واها على الخصر الرفيق وإنما ... قطع الطريق حديثه الموثوق

خصر أدير عليه معصم قبلة ... فكأن تقبيلي له تعنيق

وقال الشيخ صفي الدين الحلي:

مليح يغار الغصن عند اهتزازه ... ويخجل بدر التم عند شروقه

فما فيه معنى ناقص غير خصره ... وما فيه شيء بارد غير ريقه

قلت أخذه من قول بلدينا محمد بن العفيف التلمساني وأراد قصره على الحسن فقصر وجرى خلفه ليعثر على المعنى فاعثر عليه بل تعثر والفرق بينهما كما بين الأجاح والكوثر والخصر والخنصر ألا ترى قول ابن العفيف وحلاوة منطقه الظريف.

فكم يتجافى خصره وهو ناحل ... وكم يتحالىريقه وهو بارد

وكم يدعى صوناً وهذي جفونه ... بفترتها للعاشقين تواعد

وقال أيضاً:

شكوت إلى ذاك الجمال صبابة ... تكلف جفني أنه قط لا يغفو

فلانت لي الأعطاف والخصر رق لي ... ولكن تجافى الشعروا ناقل الردف

وقال أيضاً:

تلاعب الشعر على ردفه ... أوقع قلبي في العريض الطويل

يا ردفة جرت على خصره ... رفقاً به ما أنت إلا ثقيل

وعلى ذكر الردف ما أحسن قول الآخر:

للبدر من وجنته نكتة ... وفترة في الظبي من طرفه

إذا مشى جاذ به ردفه ... كأنه يمشي إلى خلفه

وقال الشيخ صفي الدين الحلي في مليح راقص:

جاء وفي قده اعتدال ... مهفهف ما له عديل

قد خففت عطفه شمال ... وثقلت جفنه شمول

ثم أنثى راقصاً بقد ... تثني إلى نحوه العقول

يجول ما بيننا بوجه ... فيه مياه الحيا تجول

ورنح الرقص منه عطفاً ... خف به اللطف والدخول

فعطفه داخل خفيف ... وردفه خارج ثقيل

وقال ابن رشيق:

أحمل أثقالي على ردفه ... وأمسك الخصر لئلا يضيع

وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة:

سألت النقا والبان يحكي لناظري ... روادف أو أعطاف من طال صدها

فقال كئيب الرمل ما أنا حملها ... وقال قضيب البان ما أنا قدها

[الباب الخامس والعشرون]

[ذكر ما يكابده الأحباب من الأمور الصعاب]

[وغير ذلك مما يقاسونه من تحمل المشاق وألم الفراق]

كقوله:

شكى ألم الفراق الناس قبلي ... وروع النوى حي وميت

وأما مثل ما ضمت ضلوعي ... فإني ما سمعت ولا رأيت

أقول هذا الباب عقدناه لذكر ما يقايسه المحب من ركوب الأخطار في طلب الأوطار فهو لا يزال مشغولاً بحاله متقلباً تحت أحماله يقاسي في طلب الحبيب من الأهوال ما هو أثقل من الجبال ويسمح في مقابلة اللمحة اليسيرة منه بالنفس والمال.

قال الطغرائي:

ومن طلب الأحبة كان اسخى ... ببذل النفس من كعب بن مامه

ومن طلب الغنائم لم يهب من ... نضى من دون مطلبه حسامه

وقال أيضاً:

لأكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل

ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل

<<  <   >  >>