للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا ذَنْبِي؟ قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ {وَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ} وَخَشِيَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي سَمِعَ مِنْهَا عُمَرُ مَا سَمِعَ أَنْ يَبْدُوَ مِنْ عُمَرَ إِلَيْهَا شَيْءٌ فَدَسَّتْ إِلَيْهِ أَبْيَاتًا:

(قُلْ لِلإِمَامِ الَّذِي تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... مَالِي إِلَى الْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ)

(إِنِّي غَنِيتُ أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِمَا ... شُرْبِ الْحَلِيبِ وَطَرْفٍ فَاتِرٍ سَاجٍ)

(مَا مُنْيَةٌ لَمْ أُصِبْ مِنْهَا بِضَائِرَةٍ ... وَالنَّاسُ مِنْ هَالِكٍ مِنْهَا وَمِنْ نَاجٍ)

(لا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقًّا أَنْ تَبَيَّنَهُ ... إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الْخَائِفِ الرَّاجِي)

(إِنَّ الْهَوَى زَمَّهَ التَّقْوَى فَحَبَّسَهُ ... حَتَّى أَقَرَّ بِالْجَامٍ وَإِسْرَاجٍ)

قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ {وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي زَمَّ بِالتَّقْوَى الْهَوَى} قَالَ: وَطَالَ مُكْثُ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ {فَخَرَجَتْ أُمُّهُ يَوْمًا بين الأاذن وَالإِقَامَةِ مُعْتَرِضَةً لِعُمَرَ، فَإِذَا عُمَرُ قَدْ خَرَجَ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَبِيَدِهِ الدُّرَّةُ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهِ لأَقَفَنَّ أَنَا وَأَنْتَ بَيْنَ يَدْيِ اللَّهِ تَعَالَى} وَلَيُحَاسِبَنَّكَ اللَّهُ {أَيَبِيتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى جَنْبِكَ وَعَاصِمٌ، وَبَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي الْجِبَالُ وَالْفَيَافِي وَالأَوْدِيَةُ؟ فَقَالَ: عُمَرُ: إِنَّ ابْنَيَّ لَمْ تَهْتِفْ بِهِمَا الْعَوَاتِقُ فِي خُدُورِهِنَّ} ثُمَّ أَبْرَدَ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ بريدا إلى عتبة ابن غَزْوَانَ، فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ نَادَى مُنَادِي عُتْبَةَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ أَهْلِهِ كِتَابًا فَلْيَكْتُبْ، فَإِنَّ الْبَرِيدَ خَارِجٌ! فَكَتَبَ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سَلامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

(لَعَمْرِي وَإِنْ سَيَّرْتَنِي أَنْ حَرَمْتَنِي ... وَمَا نِلْتَ مِنْ عِرْضِي عَلَيْكَ حَرَامٌ)

(فَأَصْبَحْتُ مَنْفِيًّا عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ / ... وَقَدْ كَانَ لِي بِالْمَكَّتَيْنِ مُقَامٌ)

(أَأَنْ غَنَّتِ الذَّلْفَاءُ يَوْمًا بِمُنْيَةٍ ... وَبَعْضُ أَمَانِيِّ النِّسَاءِ غَرَامٌ)

(ظَنَنْتَ بِيَ الظَّنَّ الَّذِِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... بَقَاءٌ فَمَالِي فِي الندى كلام؟)

<<  <  ج: ص:  >  >>