للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكَاتِبُهَا سَيِّدُهَا إلَّا بِشَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا فَأَمَّا أَنْ يُكَاتِبَهَا يَسْتَسْعِيَهَا فِي الْكِتَابَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُعْتِقَهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا قَطُّ. قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ.

قُلْتُ: فَإِنْ فَاتَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ أَتُعْتِقُهَا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا تُرَدَّ فِي الرِّقِّ بَعْدَمَا عَتَقَتْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا عَلَى مَالٍ فَأَدَّتْهُ إلَى السَّيِّدِ فَخَرَجَتْ حُرَّةً أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ فَتَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ؟

قَالَ: لَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَتْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ، فَإِذَا مَرِضَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا مِنْهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ الْآنَ لِوَرَثَتِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا وَيُعْتِقُهَا، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمَا أَدَّتْ مِنْ ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ.

قُلْتُ: فَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ الْقَطَاعَةَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الْكِتَابَةَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْقِطَاعَةَ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهَا وَأَعْتَقَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا وَلَا يُعْتِقُهَا، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَإِذَا كَاتَبَهَا فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا خِدْمَتَهَا وَرِقَّهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَسْعِيهَا لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِنَّ إنَّمَا فِيهِنَّ الْمُتْعَةُ لِسَادَاتِهِنَّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَلَا يُجْهِدَهَا فِي مِثْلِ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَالطَّحِينِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَا يُكَاتِبَهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِأَدَائِهَا الْكِتَابَةَ فَتَكُونُ حُرَّةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا؛ قَالَ: تُفْسَخُ كِتَابَتُهَا وَقَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا كُوتِبَتْ فَأَدَّتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِذَا كَانَ لَا بَأْسَ بِالْقِطَاعَةِ فَهِيَ إذَا أَدَّتْ حُرَّةً لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي كِتَابَتُهَا ابْتِدَاءً.

قَالَ سَحْنُونٌ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَرَادَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَنْ تَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ بِأَمْرٍ صَالَحَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ كِتَابَةُ الْمَمْلُوكِ فَلَا، وَلَكِنْ تُصَالِحُ مِنْ ذَاتِ يَدِهَا مَا يُثْبِتُ لَهَا الْعِتْقَ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>