للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَلِمَ رَدَدْتَ إلَيْهِ الْوَلَاءَ وَالْعِتْقُ حِينَ وَقَعَ وَقَعَ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ فَلِمَ لَا تَجْعَلُ وَلَاءَهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَرُدُّهُ إلَى النَّصْرَانِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ: لِأَنَّ حُرْمَتَهُ إنَّمَا تَمَّتْ لَهُ الْيَوْمَ بِمَا عُقِدَ لَهُ قَبْلَ الْيَوْمِ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ عَبْدًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِمَا صَنَعَ عَبْدُهُ لَزِمَ الْعَبْدَ عِتْقُ عَبْدِهِ بِمَا صَنَعَ وَوَلَاؤُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ.

قُلْتُ: وَلَا يُشْبِهُ عَبْدُ الْعَبْدِ هَذَا مَا هُنَا لِأَنَّ عَبْدَ الْعَبْدِ قَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهُ حِينَ أَعْتَقَهُ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ. قَالَ لَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُرْمَتَهُ لَمْ تَكُنْ تَامَّةً إلَّا مِنْ بَعْد مَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْأَعْلَى فَهُنَالِكَ تَمَّتْ حُرْمَةُ الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى جَمِيعِ مَسَائِلِكَ أَنَّكَ إنَّمَا تَنْظُرُ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَى عَقْدِ الْعِتْقِ يَوْمَ وَقَعَ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ نَصْرَانِيًّا أَوْ سَيِّدُهُ نَصْرَانِيٌّ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ سَيِّدَهُ إنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ عَقَدَ لَهُ الْعِتْقَ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَبَتَّلَ لَهُ عِتْقَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ، فَأَسْلَمَ السَّيِّدُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ إنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى عَقْدِ الْعِتْقِ يَوْمَ عَقَدَهُ السَّيِّدُ كَانَ الْعِتْقُ إلَى أَجَلٍ أَوْ بَاتًّا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمًا وَالسَّيِّدُ نَصْرَانِيٌّ لَمْ يُسْلِمْ فَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَلَاءِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ نَصْرَانِيًّا يَوْمَئِذٍ وَالسَّيِّدُ نَصْرَانِيٌّ يَوْمَئِذٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ السَّيِّدُ النَّصْرَانِيُّ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَرْجِعُ إلَيْهِ.

[وَلَاء أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ]

فِي وَلَاءِ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إنْ أَسْلَمَتْ فَأُعْتِقَتْ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِمَنْ يَكُونُ وَلَاؤُهَا؟

قَالَ: لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاؤُهَا؟

قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي مُكَاتَبِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فَأَدَّى كِتَابَتَهُ: إنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ.

[وَلَاء الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ يُعْتِقُهُ النَّصْرَانِيُّ]

فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ يُعْتِقُهُ النَّصْرَانِيُّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدَ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ لِمَنْ وَلَاؤُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>