للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ: إنَّهُ إنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْعِتْقَ قَدْ كَانَ وَجَبَ فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَفِي مُكَاتَبِهِ فِي حَالِ نَصْرَانِيَّتهمَا، وَهَذَا الْعَبْدُ الَّذِي أَسْلَمَ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ حُرِّيَّةٌ إلَّا بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلَمْ يَجِبْ لِلنَّصْرَانِيِّ فِيهِ وَلَاءٌ فِي حَالِ نَصْرَانِيَّتِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوَلَاءُ فِيهِ لِهَذَا النَّصْرَانِيِّ بَعْدَ إسْلَامِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِهَذَا النَّصْرَانِيِّ فِيهِ وَلَاءٌ وَوَلَاؤُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا لَهُ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ وَلِلنَّصْرَانِيِّ الَّذِي أَعْتَقَ وَرَثَةٌ مُسْلِمُونَ أَحْرَارٌ رِجَالٌ أَيَكُونُ لَهُمْ مِنْ وَلَاءِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ هَذَا النَّصْرَانِيُّ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ وَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَالْوَلَاءُ إذَا وَقَعَ ثَبَتَ لِمَنْ وَقَعَ لَهُ الْوَلَاءُ يَوْمَ وَقَعَ الْعِتْقُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ وَلَا يَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَا يَزُولُ النَّسَبُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ هَذَا الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِصَاحِبِهِمْ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُمْ الْوَلَاءُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ أَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِبَنِي تَغْلِبَ أَمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَلَا تَرَى أَنَّ وَلَدَ هَذَا التَّغْلِبِيِّ النَّصْرَانِيِّ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فَأَعْتَقَ الْأَبُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ عَبِيدًا لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ وَلَاءَ الْعَبِيدِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِوَلَدِهِ فَوَلَدُهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ عَصَبَتِهِ فَهَذَا وَلَدُهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ هَذَا الْوَلَاءِ، فَالْعَصَبَةُ فِي هَذَا أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ هَذَا الْوَلَاءُ.

[وَلَاء مُدَبَّرِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ]

فِي وَلَاءِ مُدَبَّرِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ قُلْتُ: فَمُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُؤَاجَرُ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يُتْرَكُ يَخْدِمُ النَّصْرَانِيَّ، فَإِنْ مَاتَ النَّصْرَانِيُّ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ هَذَا الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَبْلَغُ ثُلُثِهِ وَرُقَّ مِنْ الْمُدَبَّرِ مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ النَّصْرَانِيِّ نَصَارَى بِيعَ عَلَيْهِمْ مَا رُقَّ مِنْ الْمُدَبَّرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ مِنْ النَّصَارَى فَمَا رُقَّ مِنْ هَذَا الْمُدَبَّرِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ هَذَا النَّصْرَانِيِّ مُسْلِمِينَ أَيَكُونُ لَهُمْ وَلَاؤُهُ؟

قَالَ: نَعَمْ لَهُمْ الْوَلَاءُ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ بِالتَّدْبِيرِ الَّذِي كَانَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>