للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ضَأْنِهَا وَلَا ضَأْنُهَا فِي مِعْزَاهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَنَمًا غَزِيرَةً كَثِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ قُلْت وَلِمَ كَرِهَ مَالِكٌ صِغَارَ الْغَنَمِ بِكِبَارِهَا إذَا أَسْلَفْت فِيهَا؟

قَالَ: لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا مَنَافِعُ إلَّا اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ لَا لِلْحُمُولَةِ قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الصَّغِيرِ مِنْ الْغَنَمِ وَالْكَبِيرِ تَفَاوُتٌ إلَّا اللَّحْمُ فَلَا أَرَى ذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ لَيْسَ بِكَبِيرِ مَنْفَعَةٍ.

قُلْت: وَإِنَّمَا يَنْظُرُ مَالِكٌ فِي الْحَيَوَانِ إذَا أُسْلِفَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِيهَا جَوَّزَ أَنْ يُسْلَفَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْنَانُهَا أَوْ اتَّفَقَتْ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ حَدَّثَهُ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرَ بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ. قَالَ مَالِكٌ: إنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ يُوَفِّيهَا صَاحِبُهَا بِالرَّبَذَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْحَيَوَانِ، النَّاقَةُ الْكَرِيمَةُ بِالْقَلَائِصِ إلَى أَجَلٍ أَوْ الْعَبْدُ بِالْوُصَفَاءِ إلَى أَجَلٍ أَوْ الثَّوْبُ بِالثِّيَابِ إلَى أَجَلٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ» . قُلْت: وَلَا يُلْتَفَتُ فِي ذَلِكَ إلَى الْأَسْنَانِ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَفْت جُذُوعَ خَشَبٍ فِي جُذُوعٍ مِثْلِهَا أَيَصْلُحُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِفَ جِذْعًا فِي جِذْعَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ وَعَلَى مِثَالِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الصِّفَةُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنْ تُسْلِفَ جِذْعًا مِنْ نَخْلٍ غِلَظُهُ كَذَا وَكَذَا وَطُولُهُ كَذَا وَكَذَا فِي جُذُوعِ نَخْلٍ صِغَارٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَكَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ هَذَيْنِ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَاحِدًا مِنْ الْخَشَبِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ التَّاجِرَ الْبَرْبَرِيَّ بِالْأشْبانِيِّين لَا تِجَارَةَ لَهُمَا لَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّقْلَبِيَّ التَّاجِرَ بِالنُّوبِيَّيْنِ غَيْرِ التَّاجِرَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكُلُّهُمْ وَلَدُ آدَمَ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ الْبَرْبَرِيُّ التَّاجِرُ الْفَصِيحُ الْكَاتِبُ بِالنُّوبِيَّيْنِ الْأَعْجَمِيَّيْنِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِفَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهَا وَنِجَارُهَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا وَاحِدًا خَيْلًا كُلَّهَا، فَكَذَلِكَ الْجُذُوعُ وَالثِّيَابُ وَقَدْ وَصَفْت لَك الثِّيَابَ وَجَمِيعَ السِّلَعِ كُلِّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>