للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِفَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا أَزْهَى وَيَشْتَرِطُ الْأَخْذَ بَعْدَمَا يَرْطُبُ وَيَضْرِبُ لِذَلِكَ أَجَلًا؟

قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: إنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِهِ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْحَائِطِ بِعَيْنِهِ قَالَ: هَذَا قَرِيبٌ.

قُلْت: فَإِنْ سَلَّفَ فِي هَذَا الْحَائِطِ وَهُوَ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ فِي إبَّانِ رُطَبِهِ، أَوْ فِي إبَّانِ بُسْرِهِ، أَوْ فِي إبَّانِ جِدَادِ تَمْرِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُزْهِيَ ذَلِكَ الْحَائِطُ. قُلْت: فَإِنْ سَلَّفَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ أَزْهَى وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ تَمْرًا عِنْدَ الْجِدَادِ؟ .

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ وَإِنَّمَا وَسَّعَ مَالِكٌ فِي هَذَا أَنْ يُسْلِفَ فِيهِ إذَا أَزْهَى، وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا، فَإِنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ تَمْرًا فَلَا يَجُوزُ.

قُلْت: وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا؟

قَالَ: لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ بِمَأْمُونٍ أَنْ يَصِيرَ تَمْرًا وَيُخْشَى عَلَيْهِ الْعَاهَاتُ وَالْجَوَائِحُ، وَإِنَّمَا وَسَّعَ مَالِكٌ بَعْدَمَا أَزْهَى وَصَارَ بُسْرًا أَنْ يُسْلِفَ فِيهِ فَيَأْخُذَ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِقُرْبِ ذَلِكَ وَلِمَوْضِعِ قِلَّةِ الْخَوْفِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْحِيطَانِ إذَا أَزْهَتْ فَقَدْ صَارَتْ بُسْرًا فَلَيْسَ بَيْنَ زَهْوِهَا وَبَيْنَ أَنْ تَرْطُبَ إلَّا يَسِيرٌ فَإِذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا تَبَاعَدَ ذَلِكَ وَدَخَلَهُ خَوْفُ الْعَاهَاتِ وَالْجَوَائِحِ فَصَارَ شِبْهَ الْمُخَاطَرَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ التَّمْرُ، قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا أَزْهَى وَاشْتَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ رُطَبًا مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ أَيَصْلُحُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ نَقْدًا أَوْ أَنْ يَضْرِبَ لِلنَّقْدِ أَجَلًا؟ وَهَلْ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ السَّلَفِ أَوْ مَحْمَلُ الْبُيُوعِ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ قَدَّمَ النَّقْدَ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي أَخْذِهِ حِينَ اشْتَرَاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا مَحْمَلُ هَذَا مَحْمَلُ الْبُيُوعِ عِنْدَهُ وَلَيْسَ مَحْمَلَ السَّلَفِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ مَا اشْتَرَى وَبَقِيَ بَعْضٌ حَتَّى انْقَضَى ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَكَانَ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَخَذَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ فِي سِلْعَةٍ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَا بَقِيَ لَهُ فِي سِلْعَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا وَيَقْبِضَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مَكَانَهَا وَلْيَصْرِفْهَا فِيمَا يَشَاءُ مِنْ السِّلَعِ وَيَتَعَجَّلُ.

[التَّسْلِيفُ فِي الْفَاكِهَةِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت. الْفَاكِهَةَ التُّفَّاحَ وَالرُّمَّانَ وَالسَّفَرْجَلَ وَالْقِثَّاءَ وَالْبِطِّيخَ وَمَا أَشَبَهَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ الَّتِي تَنْقَطِعُ مَنْ أَيْدِي النَّاسِ إنْ سُلِّفَ رَجُلٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>