للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَلَوْ بِعْتُهُ عَبْدِي بِعَشْرَةِ دَنَانِير عَلَى أَنْ يَبِيعَنِي عَبْده بِعِشْرِينَ دِينَارًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَبْدٌ بِعَبْدٍ وَزِيَادَةُ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَا اشْتَرَطَا أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّنَانِيرَ مِنْ عِنْدِهِ؟

قَالَ: أَرَى ذَلِكَ حَرَامًا لَا يَجُوزُ.

قُلْتُ: فَإِذَا وَقَعَ اللَّفْظُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَاسِدًا لَمْ يَصْلُحْ هَذَا الْبَيْعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِشَيْءٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَقَعَتْ بِهِ الْعُقْدَةُ فَاسِدَةً.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ اللَّفْظُ صَحِيحًا وَوَقَعَ الْقَبْضُ فَاسِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْبُيُوعِ إلَى الْفِعْلِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْقَوْلِ، فَإِنْ قَبُحَ الْقَوْلُ وَحَسُنَ الْفِعْلُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَبُحَ الْفِعْلُ وَحَسُنَ الْقَوْلُ لَمْ يَصْلُحْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ فَاسِدًا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ فَاسِدًا وَلَا بَأْسَ بِهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ اللَّفْظَ هَاهُنَا لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا يَئُوبُ إلَى صَلَاحٍ وَأَمْرٍ جَائِزٍ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يَئُوبُ إلَى صَلَاحٍ وَهُوَ إنَّمَا شَرَطَ الثَّمَنَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ يَأْخُذُ بِهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِهَا الدَّنَانِيرَ أَبَدًا إنَّمَا يَأْخُذُ دَرَاهِمَ، فَقَوْلُهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ لَغْوٌ فَلَمَّا كَانَتْ الْعَشَرَةُ فِي قَوْلِهِمَا لَغْوًا عَلِمْنَا أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ إنَّمَا وَقَعَ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَفَظَا بِمَا لَفَظَا بِهِ.

قُلْتُ: فَاَلَّذِي بَاعَ سِلْعَةً بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ سِلْعَةً أُخْرَى بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَتَنَاقَدَا الدَّنَانِيرَ فَلَمْ يَتَنَاقَدَا الدَّنَانِيرَ وَتَقَابَضَا السِّلْعَتَيْنِ لِمَ أَبْطَلْت الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا كَانَ اللَّفْظُ لَفْظَ سُوءٍ وَالْفِعْلُ فِعْلٌ صَحِيحٌ؟

قَالَ: لِأَنَّهُمَا لَمَّا اشْتَرَطَا تَنَاقُدَ الدَّنَانِيرِ نُظِرَ إلَى فِعْلِهِمَا هَلْ يَئُوبُ إلَى فَسَادٍ إنْ أَرَادَا أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ قَدَرًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَئُوبُ إلَى فَسَادٍ إذَا فَعَلَا ذَلِكَ وَيَقْدِرَانِ عَلَى أَنْ يَفْعَلَاهُ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِاللَّفْظِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلَاهُ لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا يَقْدِرَانِ عَلَى أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ فَيَكُونُ فَاسِدًا فَإِنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا فَكَأَنَّهُمَا قَدْ فَعَلَاهُ وَقَدْ وَقَعَتْ الْعُقْدَةُ عُقْدَةُ الْبَيْعِ عَلَى أَمْرٍ فَاسِدٍ يَقْدِرَانِ عَلَى فِعْلِهِ.

قُلْتُ: وَالْأَوَّلُ الَّذِي بَاعَ سِلْعَتَهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّنَانِيرِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِمَ فَرَّقْتَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ هَذَيْنِ؟

قَالَ: لِأَنَّ لَفْظَ هَذَيْنِ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ وَلَفْظُهُمَا يَئُوبُ إلَى صَلَاحٍ وَلَا يَئُوبُ إلَى فَسَادٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْدِرَانِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَا فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ فِي فِعْلِهِمَا إلَّا الدَّرَاهِمَ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَا فِي ثَمَنٍ السِّلْعَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ شَرَطَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>