للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَكْرَيْتُهَا أَوْ حَمَّامًا فَأَجَرْته أَوْ غُلَامًا فَدَفَعْتُهُ إلَى الْخَيَّاطِينَ أَوْ الْخَبَّازِينَ أَوْ أَسْلَمْته إلَى الْكُتَّابِ أَوْ نَحْوُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوْ سَاوَمْت بِهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لِلْبَيْعِ أَيَكُونُ هَذَا كُلُّهُ رِضًا بِهِ مِنْهُ بِالسِّلْعَةِ وَاخْتِيَارًا لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَبِيعُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ إذَا كَانَ فِيهَا الْخِيَارُ حَقٌّ يَسْتَوْجِبُهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَبِيعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى كُلَّ مَا سَمَّيْتَ يَلْزَمُهُ بِهِ الْبَيْعُ وَهَذَا كُلُّهُ رِضًا وَقَطْعٌ مِنْهُ لِلْخِيَارِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ أَوْ فَقْءِ عَيْنِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَا أَصَابَهُ خَطَأٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ إنْ شَاءَ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَصَابَهُ عَمْدًا فَهُوَ عِنْدِي رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَالدَّابَّةُ مِثْلُهُ إذَا أَصَابَهَا خَطَأً رَدَّهَا إنْ شَاءَ وَمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا فَاسِدًا فَهُوَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا بِالدَّابَّةِ وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ كُلَّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثِيَابًا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فَاطَّلَعْتُ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِيهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَبِسْتُهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِالْعَيْبِ أَيَكُونُ هَذَا قَطْعًا لِلْخِيَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَلَا الرَّهْنُ وَلَا السَّوْمُ بِهَا وَلَا الْجِنَايَاتُ رِضًا مِنْهُ وَلَا إسْلَامُهُ إلَى الصِّنَاعَاتِ وَلَا تَزْوِيجُهُ الْعَبْدَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا بِالْبَيْعِ.

وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ فَإِنْ بَاعَ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ، وَرَبُّ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَوَّزَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ.

[يَشْتَرِي الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَيَمُوتُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]

فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَيَمُوتُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت عَبْدًا بِعَبْدٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَنَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا أَوْ نَحْنُ جَمِيعًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَتَقَابَضْنَا فَمَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَا قَدْ تَقَابَضَا؟

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ ثَمَنَهَا فَنَقَدَهُ ثُمَّ مَاتَتْ الدَّابَّةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ؟ قَالَ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي.

قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مَنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بِالْخِيَارِ ثُمَّ مَاتَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ؟ قَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَوَرَثَتُهُ مَكَانُهُ يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الْخِيَارِ مَا كَانَ لِصَاحِبِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>