للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا أَيْضًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي الرَّجُلَ يَسْأَلُهُ الدِّينَارَ فَيُعْطِيهِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا وَيَرُدُّ دِينَارَيْنِ فَيَأْتِي فَيَذْكُرُ أَنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ دِينَارَانِ قَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ شَرِيكًا سَحْنُون، وَمَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَلَفِهِمَا إلَّا بِقَوْلِهِ.

قُلْتُ: أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ الْبَاقِيَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ أَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ وَاحِدًا مِنْهُمَا؟ قَالَ: أَمَّا مَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ وَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ فِيمَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ؟

قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَضَاعَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَجِئْت بِالثَّوْبِ الْبَاقِي لِأَرُدَّهُ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ تَرُدُّهُ وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبَيْنِ، فَمَا أَصَابَ الثَّوْبَ الَّذِي رَدَدْتَ مِنْ الثَّمَنِ رُدَّ عَلَيْكَ وَمَا أَصَابَ الثَّوْبَ الَّذِي هَلَكَ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لِلْبَائِعِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا ثُمَّ جِئْت لِأَرُدَّهُمَا فَضَاعَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ قَوْلُكَ وَلَا تُصَدَّقُ بِقَوْلِكَ إنَّهُمَا ضَاعَا، وَالثَّمَنُ لَازِمٌ لَكَ لِأَنَّ الثَّوْبَيْنِ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِمَا وَلَا تَكُونُ عَلَيْكَ الْقِيمَةُ لِأَنَّا إذَا ذَهَبْنَا أَنْ نَرُدّكَ إلَى الْقِيمَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ لَمْ نَرُدّكَ إلَى أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ بِقَوْلِكَ وَلَمْ نُصَدِّقْكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ غَيَّبْتَهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يُعْطِهَا الْبَائِعُ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ آخُذَ أَيَّهمَا شِئْت بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَذَهَبْتُ بِهِمَا لِأَرُدَّهُمَا فَضَاعَا فِي يَدَيَّ أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فِي يَدَيَّ؟ قَالَ: إنْ ضَاعَا جَمِيعًا رَأَيْتُ عَلَيْكَ الثَّمَنَ فِي أَحَدِهِمَا وَأَنْتَ فِي الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ.

[الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا]

فِي الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ يَكُونُ الْبَائِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خِيَارَ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا، قَالَ مَالِكٌ: الْبَيْعُ كَلَامٌ، فَإِذَا أَوْجَبَا الْبَيْعَ بِالْكَلَامِ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْتَنِعَ مِمَّا قَدْ لَزِمَهُ.

قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» ، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>