للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكًا أَجَازَ لِمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَنْ يَبِيعَهَا بِطَعَامٍ إذَا وَصَفَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِطَعَامٍ أَوْ بِعَرَضٍ وَلَيْسَ الطَّعَامُ وَلَا الْعَرَضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَصَارَ الْبَائِعُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي بِسِلْعَتِهِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا وَلَا عَرَضًا لَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَا يَصْلُحُ لِامْرِئٍ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ يَبْتَاعَهُ بَعْد أَنْ يُوجِبَ بَيْعَهُ لِصَاحِبِهِ مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ أَوْ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدْ عَرَفَ سِعْرَ السُّوقِ وَيُبَيِّنُ لَهُ رِبْحَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا لَيْسَ عِنْدَهُ مَضْمُونًا مُسْتَأْخَرًا إلَى حِينٍ تَرْتَفِعُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ أَوْ تُتَّضَعُ لَا يَدْرِي مَاذَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَمَاذَا لَهُ أَوْ يَبِيعُهُ طَعَامًا يَنْقُلهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَعْلَمُ فِيهِ سِعْرَ الطَّعَامِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَإِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءَ كَرِهُوا ذَلِكَ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَصْلُحُ إلَّا فِي النَّسِيئَةِ الْمُسْتَأْخَرَةِ الَّتِي لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ السُّوقُ أَيَرْبَحُ أَمْ لَا يَرْبَحُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَقَدْتُ فِي الْمِائَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَبِعْتُهَا مُرَابَحَةً وَلَمْ أُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتُ بِهِ السِّلْعَةَ وَمَا نَقَدْتُ فِي ثَمَنِهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً رُدَّتْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ الْبَائِعُ؛ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ ضَرَبَ لِلْمُشْتَرِي الرِّبْحَ عَلَى مَا نَقَدَ الْبَائِعُ فِي ثَمَنِ سِلْعَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ هُوَ خَيْرًا لِلْمُشْتَرِي فَذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: وَلَمْ يَكُنْ يَرَى مَالِكٌ الرِّبْحَ عَلَى مَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ فِي هَذَا؟

قَالَ: لَا وَلَكِنْ كَانَ يَرَى أَنَّ الرِّبْحَ عَلَى مَا نَقَدَ فِيهَا الْمُشْتَرِي الَّذِي بَاعَ مُرَابَحَةً إذَا أَحَبَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي.

قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ فَوَاتُ هَذِهِ السِّلْعَةِ هَاهُنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: تُبَاعُ أَوْ تَذْهَبُ مِنْ يَدِهِ أَوْ تَزِيدُ فِي بَدَنِهَا أَوْ تَنْقُصُ.

قُلْتُ: وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ؟

قَالَ: هُوَ فَوَاتٌ أَيْضًا.

قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَيْتُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَقَدْتُ فِيهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ حِنْطَةً ثُمَّ بِعْتُ مُرَابَحَةً عَلَى الْمِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ أُبَيِّنْ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>