للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زَكَاة الْعَرَايَا وَسَقْيهَا]

فِي زَكَاةِ الْعَرَايَا وَسَقْيِهَا قُلْتُ: زَكَاةُ الْعَرَايَا عَلَى مَنْ هِيَ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: عَلَى الَّذِي أَعْرَاهَا وَهُوَ رَبُّ الْحَائِطِ وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي أُعْرِيَهَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْرَى حَائِطًا لَهُ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ عَلَى مَنْ عِلَاجُ الْحَائِطِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: السَّقْيُ وَالزَّكَاةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَسَّمَهُ بَيْنَ الْمَسَاكِينِ فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَكَانَ سَقْيُهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمَسَاكِينِ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِمْ فِيهَا مِنْهَا وَهُوَ الَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ قَدِيمًا وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ أَوْ نَخَلَاتٍ قَبْلَ أَنْ تَطِيبَ لَكَانَ سَقْيُهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الَّذِي وُهِبَتْ لَهُ إنْ كَانَتْ تَبْلُغُ الزَّكَاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَبْلُغُ الزَّكَاةَ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ، وَالْعَرَايَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ سَقْيُهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الَّذِي أَعْرَاهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُعْرِي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الزَّكَاةَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ أَوْ ثَمَرَةَ نَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطِهِ سِنِينَ لَمْ يَجُزْ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا بِشَيْءٍ مِنْ الْخَرْصِ إلَى الْجَدَادِ.

وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَمَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَوْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ كُلَّهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَعْرَاهُ جُزْءًا نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا؟

قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: السَّقْيُ عَلَى مَنْ أَعْرَاهُ وَلَوْ كَانَ يَكُونُ عَلَى الَّذِي أَعْرَى إذَا أَعْرَاهُ نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا لَكَانَ إذَا أَعْرَاهُ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الَّذِي أُعْرِيَهَا سَقْيُهَا وَلَكَانَ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا، فَالْعَرَايَا وَالْهِبَةُ تَخْتَلِفُ، فَإِذَا كَانَ أَصْلُ مَا أَعْطَاهُ عَلَى الْعَرَايَا فَعَلَى صَاحِبِهَا الَّذِي أَعْرَاهَا أَنْ يَسْقِيَهَا وَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي أُعْرِيَ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً أَوْ تَعْمِيرَ سِنِينَ مِنْ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ وَجَزَّأَ فَعَلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا أَوْ وُهِبَتْ لَهُ سَقْيُهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ وَقَدْ كَانَ كِبَارُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَحْمِلُونَ ذَلِكَ وَيَرَوْنَ أَنَّ الْعَرَايَا مِثْلُ الْهِبَةِ وَأَبَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الزَّكَاةِ وَالسَّقْيِ.

[اشْتِرَاء الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهَا]

فِي اشْتِرَاءِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَرَايَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهَا أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَرْصِهَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَبِيعَهَا.

قُلْتُ: فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهَا أَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ نَقْدًا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ؟

قَالَ: فَأَمَّا التَّمْرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا إلَى الْجَدَادِ وَأَمَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>