للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَشْرَبْهُ فَقَالَ: لِي خُذْ شَاتَكَ وَهَذَا لَبَنُهَا الَّذِي حَلَبْت مِنْهَا أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ يَرُدُّ الصَّاعَ مَعَهَا وَيَكُونُ لَهُ اللَّبَنُ أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا اللَّبَنَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ؟ قَالَ: يَكُونُ عَلَيْهِ صَاعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ اللَّبَنَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ اللَّبَنَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ الصَّاعُ مَكَانَ اللَّبَنِ إذَا فَاتَ اللَّبَنُ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ لَبَنًا مِثْلَهُ فِي مَكِيلَتِهِ وَلَكِنَّهُ حُكْمٌ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِذَا زَايَلَهَا اللَّبَنُ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَنْ يَمْسِكَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مَعَهَا مِنْ تَمْرٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِغَيْرِ صَاعٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا لَبَنٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَهَا بِغَيْرِ لَبَنِهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلُهَا بِهَذَا اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبْت مِنْهَا، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ عَلَيْهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ إنْ سَخِطَ الْمُشْتَرِي الشَّاةَ، فَصَارَ ثَمَنًا قَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ حِينَ سَخِطَ الْمُشْتَرِي الشَّاةَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ عَلَيْهِ يَفْسَخُهُ فِي صَاعٍ مِنْ لَبَنٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الصَّاعَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي رَأْيِي.

وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى شَاةً لِلَّبَنِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ الْبَائِعُ بِمَا تَحْلُبُ وَلَيْسَتْ بِمُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ لَبَنِهَا أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا حَلَبَهَا وَيَكُونُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً؟ قَالَ: أَمَّا الْغَنَمُ الَّتِي شَأْنُهَا الْحِلَابُ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَى لِمَكَانِ دَرِّهَا فِي إبَّانِ دَرِّهَا فَإِنِّي أَرَى إنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا حِلَابُهَا إذَا بَاعَهَا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ حِلَابَهَا وَقَدْ كَانَ حَلَبَهَا الْبَائِعُ وَعَرَفَ حِلَابَهَا رَأَيْتُ: الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ الَّتِي شَأْنُهَا اللَّبَنُ إنَّمَا تُشْتَرَى لِأَلْبَانِهَا وَلَا تُشْتَرَى لِلُحُومِهَا وَلَا لِشُحُومِهَا فَإِذَا عَرَفَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا، ثُمَّ كَتَمَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ طَعَامًا جُزَافًا قَدْ عَرَفَ كَيْلَهُ وَكَتَمَهُ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الشَّاةَ الَّتِي يَدْفَعُ فِي ثَمَنِهَا وَيَرْغَبُ فِيهَا لِمَكَانِ لَبَنِهَا وَلَا يَبْلُغُ شَحْمَهَا وَلَا لَحْمَهَا ذَلِكَ الثَّمَنُ، وَإِنَّمَا تَبْلُغُ ذَلِكَ الثَّمَنَ لِلَبَنِهَا، فَذَلِكَ عِنْدِي لِمَوْضِعِ لَبَنِهَا بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي قَدْ عَرَفَ كَيْلَهُ فَكَتَمَهُ فَبِيعَ جُزَافًا فَإِذَا بَاعَهَا صَاحِبُهَا وَهُوَ يَعْرِفُ حِلَابَهَا كَانَ قَدْ غَرَّهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ حِلَابَهَا وَإِنَّمَا اشْتَرَاهَا وَبَاعَهَا؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ كَيْلَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى شَاةً فِي غَيْرِ إبَّانِ اللَّبَنِ، ثُمَّ جَاءَ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ فَحَلَبَهَا فَلَمْ يَرْضَ حِلَابَهَا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَبِعْ عَلَى اللَّبَنِ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَتْ شَاةَ لَبَنٍ؟

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ شَاةَ لَبَنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>