للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَةَ الْعَيْبِ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَوْ دَارِهِمْ نَقْدًا أَوْ عُرُوضًا نَقْدًا؟ .

قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ صَالَحَهُ بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ أَدْنَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ أَوْ عُرُوضًا إلَى أَجَلٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَوَجْهُ مَا كُرِهَ مِنْ الدَّنَانِيرِ إذَا كَانَتْ إلَى أَجَلٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَنَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ قَدْ كَانَ وَجَبَ لَهُ رَدُّهَا وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فَأَخَّرَهُ بِالدَّيْنِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ صَارَ صَرْفًا لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ فَفُسِخَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الذَّهَبِ فِي فِضَّةٍ إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ عَرَضًا إلَى أَجَلٍ صَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ يَفْسَخْ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الذَّهَبِ الَّتِي صَارَتْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِمَكَانِ الْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَ لَهُ فَأَخَّرَ ذَهَبَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْصَلَهُ إلَيْهِ فَفَسَخَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فِي عَرَضٍ إلَى أَجَلٍ فَصَارَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، «وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» .

[وَجْدُ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فِي الْمَبِيع فَصَالِحُهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ زَادَهُ دَنَانِيرَ]

رَسْمٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الطَّوْقَ فَيَجِدُ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَيُصَالِحُهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ زَادَهُ الْبَائِعُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مِائَةُ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَصَابَ الْمُشْتَرِي بِالطَّوْقِ عَيْبًا فَصَالَحْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ عَلَى دِينَارٍ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا بَاعَ طَوْقًا فِيهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَدِينَارٌ مَعَ الطَّوْقِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَقْدًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَإِنَّمَا اشْتَرَيْتَ الْعَيْبَ مِنْهُ بِدِينَارٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ صَالَحْتُهُ لِمَكَانِ الْعَيْبِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ دَفَعْتُهَا إلَيْهِ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ الدِّرْهَمِ الَّتِي دَفَعْتَهَا إلَيْهِ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ الْأَلْفِ الَّتِي اُنْتُقِدَتْ فِي ثَمَنِ الطَّوْقِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِنْ سِكَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ سِكَّتِهَا لَمْ يَصْلُحْ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ الطَّوْقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُحَمَّدِيَّةٍ فَصَالَحَهُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى مِائَةٍ يَزِيدِيَّةٍ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعَ طَوْقٍ مِنْ ذَهَبٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ يَزِيدِيَّةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُحَمَّدِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بِالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى تِبْرِ فِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا صَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ فَإِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ رَدَّ إلَيْهِ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَخَذَهَا مِائَةً فَإِنَّمَا صَارَ ثَمَنُ الطَّوْقِ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهُ مَنْ الْعَيْبِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ مُحَمَّدِيَّةٍ مِثْلِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي اُنْتُقِدَ فِي الطَّوْقِ إلَى أَجَلٍ أَيَصْلُحُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ .

قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا وَسَلَفًا إذَا أَخَّرَهُ بِالْمِائَةِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ رَجُلٌ بَاعَ الطَّوْقَ بِتِسْعِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَهُ الْمُشْتَرِي مِائَةَ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>