للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصُّلْحِ مِنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ عَلَى ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ]

فِي الصُّلْحِ مِنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ عَلَى ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَنَى جِنَايَةً عَمْدًا فَصَالَحَ مِنْ جِنَايَتِهِ عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: لِمَ، وَهَذَا إنَّمَا أَعْطَاهُ ثَمَرَتَهُ وَلَمْ يَأْخُذَ شَيْئًا إنَّمَا أَعْطَاهُ ثَمَرَةً عَلَى أَنْ يَهْضِمَ عَنْهُ الْقِصَاصَ؟

قَالَ: لَوْ أَجَزْتُ هَذَا لَأَجَزْتُ النِّكَاحَ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي النِّكَاحِ بِالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَسَخَ النِّكَاحَ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ مِثْلُ النِّكَاحِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَنَى عَلَى رَجُلٍ جِنَايَةً عَمْدًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَيَجُوزُ هَذَا؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَوْ أَجَزْتُ هَذَا لَأَجَزْتُ النِّكَاحَ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي النِّكَاحِ مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ مِثْلُ النِّكَاحِ.

قُلْتُ: فَإِذَا عَفَا عَنْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَيَكُونُ هَذَا عَفْوًا لَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِي الْقِصَاصِ وَيَرُدُّهُ إلَى الدِّيَةِ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا صَارَ فِي النِّكَاحِ إذَا دَخَلَ بِهَا لَمْ يُرَدَّ النِّكَاحَ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ لِأَنَّ الْعَفْوَ قَدْ نَزَلَ فَلَا يَرُدُّهُ إلَى الْقِصَاصِ، وَقَدْ قَالَ: غَيْرُهُ: لَيْسَ الصُّلْحُ بِالْغَرَرِ فِي الْقِصَاصِ مِثْلُ النِّكَاحِ بِالْغَرَرِ، إنَّمَا الْقِصَاصُ مِثْلُ الْخُلْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُلْعَ يَجُوزُ بِالْغَرَرِ وَلَا يَجُوزُ بِهِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَدُهُ بِالْغَرَرِ مَا كَانَ جَائِزًا لَهُ أَنْ يُرْسِلَهُ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذُهُ، فَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ وَالنِّكَاحُ قَبْضُ ذَلِكَ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ بِالْغَرَرِ، فَلَيْسَ الْمُرْسِلُ لِمَا فِي يَدَيْهِ كَالْآخِذِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَبَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَمٌ عَمْدٌ فَصَالَحَهُ مِنْ الدَّمِ الْعَمْدِ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَالَحَ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ وَجَبَ لَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى عَرَضٍ أَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى ذَلِكَ فَأَصَابَ الَّذِي قَبَضَ الْعَبْدَ أَوْ الْعَرَضَ بِذَلِكَ عَيْبًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعَ بِقِيمَتِهِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ عَيْبًا يُرَدُّ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ فَلَهُ فِي مَسْأَلَتِكَ هَذِهِ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعَ بِقِيمَتِهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَمَّا فِي النِّكَاحِ فَهُوَ قَوْلُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّمَ الْعَمْدَ وَالطَّلَاقَ لَيْسَ هُمَا بِمَالٍ، وَإِذَا اسْتَحَقَّ مَا أَخَذَ فِيهِمَا مَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِمَا بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ لَا بِقِيمَةِ الدَّمِ وَقِيمَةِ الطَّلَاقِ إنَّمَا فِيهِمَا مَا صُولِحَ بِهِ فِيهِمَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>