للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ وَالدَّقِيقُ أَمْرًا مُخْتَلِفًا خُرُوجُهُ إذَا عُصِرَ أَوْ طُحِنَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَطْحَنَهُ أَوْ يَعْصِرَهُ.

وَلَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الْقَمْحَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ طَحِينَهُ مِرَارًا فَرَأَيْتُهُ يُخَفِّفُهُ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الدَّقِيقَ فِي مَسْأَلَتِكَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْبَيْعِ خَفِيفٌ، وَلَوْ كَانَ الدَّقِيقُ عِنْدَ مَالِكٍ مَجْهُولًا مُخْتَلِفًا لَمَا جَوَّزَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ حِنْطَةً وَيَشْتَرِطَ عَلَى بَائِعِهَا أَنْ يَطْحَنَهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَ اشْتَرَى حِنْطَةً وَاشْتَرَطَ أَنْ يَطْحَنَهَا بَائِعُهَا فَكَأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي دَقِيقًا لَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَخْرُجُ وَقَدْ جَوَّزَهُ مَالِكٌ.

[قَالَ إنْ خِطْتَ لِي ثَوْبِي الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ]

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلْخَيَّاطِ: إنْ خِطْتَ لِي ثَوْبِي الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَأَجْرُكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا يَخِيطُهُ لِي فَقُلْتُ لَهُ: إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ يَخِيطُهُ عَلَى أَجْرٍ لَا يَعْرِفُهُ فَهَذَا لَا يَعْرِفُ أَجْرَهُ، فَإِنْ خَاطَهُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يُنْقِصُ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ فَلَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ؟

قَالَ: لَا يُنْظَرُ فِيهِ إذَا خَاطَهُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَى دِرْهَمٍ وَلَا إلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَهَذَا مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَسَنٌ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَفَاتَتْ فِي يَدَيْهِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ مَا سَمَّيَا مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَالْخَيَّاطُ وَالصَّبَّاغُ فِي هَذَا - إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً - مِثْلُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ ثَوْبًا خَاطَهُ خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ خَاطَهُ خَيَّاطَةً عَرَبِيَّةً فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: هَذَا مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِي رَأْيِي

<<  <  ج: ص:  >  >>