للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْبَسُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ غَيْرَكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِأَمَانَتِكَ وَاللُّبْسُ مُخْتَلِفٌ وَأَنْتَ لَوْ تَلِفَ مِنْكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَإِنْ دَفَعْتَهُ إلَى غَيْرِكَ كُنْتَ ضَامِنًا إنْ تَلِفَ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فَيُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُكْرِيهِ رَبُّ الدَّابَّةِ لِأَمَانَتِهِ وَحِفْظِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْرِيَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ إنْ مَاتَ الْمُتَكَارِي أُكْرِيَتْ الدَّابَّةُ فِي مِثْلِ كِرَائِهَا وَكَرِهَهُ مَالِكٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَأَرَى الثِّيَابَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ بَدَا لِلْمُتَكَارِي فِي الْإِقَامَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَكْرِيَهَا؟

قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكْرِيَهَا لِمَوْضِعِ الْأَمَانَةِ وَلَوْ أَكْرَاهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ أَكْرَاهَا فِيمَا اكْتَرَاهَا فِيهِ مِنْ مِثْلِهِ وَفِي حَالِهِ وَأَمَانَتِهِ وَخِفَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ كُلُّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَاسْتَثْقَلَهُ أُخْرَى وَقَالَ: لَسْتُ أَرَاهُ بِالْحَرَامِ الْبَيِّنِ وَلَيْسَ كِرَاءُ الْحُلِيِّ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ فُسْطَاطًا إلَى مَكَّةَ فَأَكْرَيْتُهُ مِنْ غَيْرِي أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إذَا أَكْرَيْتَهُ مِنْ مِثْلِكَ وَفِي حَالِكَ وَأَمَانَتِكَ وَيَكُونُ صَنِيعُهُ فِي الْخِبَاءِ كَصَنِيعِكَ وَحَاجَتُهُ إلَى الْخِبَاءِ كَحَاجَتِكَ فَأَرَى الْكِرَاءَ جَائِزًا فِي رَأْيِي. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الدَّارَ ثُمَّ يُؤَاجِرُهَا بِأَفْضَلَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ؟ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ. وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَدْرَكْنَا جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ بِفَضْلِ إجَارَةِ الْعَبِيدِ وَالسُّفُنِ وَالْمَسَاكِنِ بَأْسًا.

قَالَ اللَّيْثُ: وَسُئِلَ يَحْيَى عَنْ رَجُلٍ تَكَارَى أَرْضًا، ثُمَّ أَكْرَاهَا بِرِبْحٍ قَالَ: يَحْيَى هِيَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَكَارَى ظَهْرًا أَوْ دَارًا، ثُمَّ يَبِيعُ ذَلِكَ بِرِبْحٍ فَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>