للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: فَإِذَا رَجَعَتْ الدَّارُ إلَى رَبِّهَا لِمَنْ يَكُونُ نَقْضُ الْمَسْجِدِ؟

قَالَ: لِأَهْلِ النَّقْضِ الَّذِينَ اشْتَرَوْهَا وَبَنَوْا الْمَسْجِدَ فَالنَّقْضُ لَهُمْ.

[بَابٌ فِي إجَارَةِ الْكَنِيسَةِ]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرْت دَارِي مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ وَأَنَا فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَارِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا يُؤَاجِرُ دَارِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا يَبِيعُ شَاتَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْتَرُونَهَا لِيَذْبَحُوهَا لِأَعْيَادِهِمْ؟

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَابَّتَهُ مِنْهُمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَكْرَوْهَا لِيَرْكَبُوهَا إلَى أَعْيَادِهِمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ كَنِيسَةٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَارِهِ وَلَا يَبِيعَهَا مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَيْسَ لِلنَّصَارَى أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذُوا الْكَنَائِسَ أَوْ يُحْدِثُونَهَا فِي قُرَاهُمْ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا هَلْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَتَّخِذُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَيْءٌ أَعْطَوْهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ فِي قُرَاهُمْ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ بِلَادُهُمْ يَبِيعُونَ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِلَادَهُمْ غَلَبَهُمْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَافْتَتَحُوهَا عَنْوَةً فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فِيهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا وَلَا أَنْ يُوَرِّثُوهَا وَهِيَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ، فَلِذَلِكَ لَا يُتْرَكُونَ، وَأَمَّا مَا سَكَنَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ افْتِتَاحِهِمْ وَكَانَتْ مَدَائِنُهُمْ الَّتِي اخْتَطُّوهَا مِثْلَ الْفُسْطَاطِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَيْءٌ أَعْطَوْهُ فَيُوفِيَ لَهُمْ بِهِ لِأَنَّ سِكَكَ الْمَدَائِنِ قَدْ صَارَتْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مَالًا لَهُمْ يَبِيعُونِ وَيُوَرِّثُونَ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ فِيهَا حَقٌّ، فَقَدْ صَارَتْ مَدَائِنُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَمْوَالًا لَهُمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ أَنْ يَتَّخِذُوا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَنِيسَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُحْمَلُونَ عَلَى عَهْدِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>