للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْعَاهَا وَحْدِي إنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرَانِ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا مِثْلُ الْأَجِيرَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرًا تُرْضِعُ لِي صَبِيًّا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرْتهَا اسْتَأْجَرْت مَعَهَا غَيْرَهَا فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَغْزِرَ اللَّبَنَ لِوَلَدِي فَمَاتَتْ الثَّانِيَةُ؟ قَالَ: عَلَى الْأُولَى أَنْ تُرْضِعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَطَوَّعَ بِرَضَاعِ الثَّانِيَةِ عَلَى ابْنِهِ فَلَمَّا مَاتَتْ الثَّانِيَةُ ثَبَتَ الرَّضَاعُ كَمَا كَانَ عَلَى الْأُولَى اهـ.

قُلْتُ: فَلَوْ مَاتَتْ الْأُولَى؟

قَالَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ مَعَ الثَّانِيَةِ بِمَنْ تُرْضِعُ مَعَهَا.

[بَابُ إجَارَةِ الظِّئْرِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرَ أَبُو الصَّبِيِّ ظِئْرًا لِلصَّبِيِّ فَمَاتَ الْأَبُ وَبَقِيَتْ الظِّئْرُ لَيْسَ لَهَا مَنْ يُعْطِيهَا أَجْرَهَا؟ قَالَ: أَجْرُ الرَّضَاعِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِابْنِهِ فَقَدَّمَ إلَيْهَا أَجْرَ رَضَاعِهَا، ثُمَّ هَلَكَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الصَّبِيُّ رَضَاعَهُ. قَالَ: أَرَى مَا بَقِيَ مِنْ الرَّضَاعِ يَكُونُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَبُ تَحَمَّلَ لَهَا بِأَجْرِ الرَّضَاعِ فَمَاتَ الْأَبُ فَإِنَّمَا أَجْرُ مَا بَقِيَ مِنْ رَضَاعِهَا فِي حَظِّ الصَّبِيِّ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الرَّضَاعِ: إذَا مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الصَّبِيُّ رَضَاعَهُ أَنَّ مَا بَقِيَ مِمَّا كَانَ قَدَّمَ إلَيْهَا أَبُوهُ أَنَّهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ كَانَ مَا دَفَعَ الْأَبُ إلَى الْمُرْضِعِ مَالًا لَهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَبِ وَلَمْ تَرِثْ أُمُّهُ مِنْهُ شَيْئًا فَلَوْ كَانَ أَمْرًا يَثْبُتُ لِلصَّبِيِّ أَوْ عَطِيَّةً أَعْطَاهُ إيَّاهَا لَوَرِثَتْ الْأُمُّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا نَفَقَةٌ لِلصَّبِيِّ قَدَّمَهَا لَمْ تَكُنْ تَلْزَمُ الْأَبَ إلَّا مَا دَامَ الصَّبِيُّ حَيًّا، فَلَمَّا مَاتَ انْقَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ وَكَانَ مَا بَقِيَ مِمَّا لَمْ تُرْضِعْهُ الظِّئْرُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ لَمْ يُقَدِّمُ لَهَا شَيْئًا كَأَنْ يَكُونَ أَجْرُ رَضَاعِهَا فِي حَظِّ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ تَقْدِيمُ إجَارَتِهَا مِمَّا يَسْتَوْجِبُهُ الصَّبِيُّ، أَوَلَا تُرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَضَمِنَ لَهُ غَيْرُهُ إجَارَتَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ لِفُلَانٍ وَحَقُّك عَلَيَّ أَوْ بِعْ فُلَانًا سِلْعَتَكَ وَحَقُّك عَلَيَّ، فَفَعَلَا ذَلِكَ جَمِيعًا وَمَاتَ الَّذِي كَانَ ضَمِنَ ذَلِكَ لَهُ كَانَ فِي مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى قَابِضِ السِّلْعَةِ وَلَا عَلَى الَّذِي عَمِلَ لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي السِّلْعَةِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى الرَّضَاعِ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ عَطِيَّةً وَجَبَتْ لِلِابْنِ لَكَانَ ذَلِكَ لِلِابْنِ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ السِّلْعَةِ وَالْأَجِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ أَبَوَاهُ وَلَمْ يَتْرُكَا مَالًا وَلَمْ تَأْخُذْ الظِّئْرَ مِنْهُ مِنْ إجَارَتِهَا شَيْئًا أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَنْقُضَ الْإِجَارَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>