للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْيَاءَ: أَنَا أَبْنِيهَا أَوْ أُصْلِحُهَا وَلَا أَفْسَخُ الْإِجَارَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَبْنِي لِي حَائِطًا وَوَصَفْته لَهُ فَلَمَّا بَنَى نِصْفَ الْحَائِطِ انْهَدَمَ أَيَكُونُ عَلَى الْبَانِي أَنْ يُقِيمَهُ لَهُ ثَانِيَةً؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَهُ لَهُ ثَانِيَةً وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ سُقُوطُهُ مِنْ سُوءِ عَمَلِ الْبَنَّاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ ثَانِيَةً حَتَّى يَبْنِيَ الْحَائِطَ كُلَّهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِسُوءِ عَمَلِ الْبَنَّاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ فِيمَا يُشْبِهُ وَلَهُ أَجْرُهُ إذَا تَشَاحَّا وَطَلَبَ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْآجُرُّ وَالطِّينُ وَجَمِيعُ مَا يُبْنَى بِهِ الْحَائِطُ مِنْ عِنْدِ الْبَنَّاءِ؟

قَالَ: وَإِنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَنَى مِنْهُ شَيْئًا فَقَدْ صَارَ لِرَبِّ الدَّارِ مَا بَنَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ هَذَا إلَّا فِي عَمَلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا مَضْمُونًا.

قَالَ سَحْنُونٌ: فَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا فَإِنَّ عَلَيْهِ تَمَامَ الْعَمَلِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرْته أَنْ يَحْفِرَ لِي بِئْرًا صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا فَحَفَرَ نِصْفَهَا فَانْهَدَمَتْ؟ قَالَ: كَذَلِكَ أَيْضًا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ إلَّا أَنْ يَتَشَاحَّا فَيَكُونَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ مَا بَقِيَ وَيُكْمِلَ لَهُ أَجْرَهُ.

قُلْتُ: وَإِنْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِ رَبِّهَا أَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِ رَبِّهَا فَهُوَ سَوَاءٌ إذَا انْهَدَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَتْ إجَارَةً فَسَوَاءٌ حَيْثُ مَا حُفِرَ لَهُ بِأَمْرِهِ فَانْهَدَمَتْ الْبِئْرُ بَعْدَ مَا حَفَرَهَا فَلَهُ أَجْرُهُ، وَإِنْ انْهَدَمَ نِصْفُهَا فَلَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ وَجْهِ الْجُعْلِ جَعَلَ لِمَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِئْرًا صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ جَعَلَ لِرَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا، فَهَذَا إذَا حَفَرَ فَانْهَدَمَتْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى رَبِّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ.

قُلْتُ: وَمَتَى يَكُونُ هَذَا قَدْ أَسْلَمَهَا إلَى رَبِّهَا؟

قَالَ: إذَا فَرَغَ مِنْ حَفْرِهَا كَمَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْبِئْرِ فَقَدْ أَسْلَمَهَا إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ حَفَّارٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ قَبْرًا فَانْهَدَمَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا انْهَدَمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَالْإِجَارَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَازِمَةً وَإِنْ انْهَدَمَ الْقَبْرُ قَبْلَ فَرَاغِهِ فَلَا إجَارَةَ لَهُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَرَضِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>