للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَلُتَّهُ بِدَرَاهِمَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّمْنِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى اللُّتَاتِ بِالدَّرَاهِمِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّتَّاتِ فِيمَا أَدْخَلَ فِي السَّوِيقِ مِنْ السَّمْنِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّتَّاتِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ. قَالَ: وَهَذَا إذَا دُفِعَ إلَيْهِ السَّوِيقُ وَغَابَ عَلَيْهِ اللُّتَاتُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْفَعْ السَّوِيقُ إلَيْهِ حَتَّى يَغِيبَ عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّوِيقِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَرٍ مِنْهُ يَقُولُ: لَمْ أَشْتَرِ مِنْكَ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ السَّمْنِ أَكْثَرَ مِمَّا يَقُولُهُ بِهِ، وَصَاحِبُ السَّمْنِ هَاهُنَا مُدَّعٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّوِيقِ.

قُلْتُ: فَإِنْ نَظَرَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إلَى ذَلِكَ السَّوِيقِ فَقَالُوا: هَذَا السَّمْنُ الَّذِي لُتَّ بِهِ هَذَا السَّوِيقَ لَا يَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ أَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّمْنِ؟

قَالَ: إنْ أَقَرَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا السَّوِيقِ مِنْ اللُّتَاتِ هُوَ مِنْ السَّمْنِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْ هَذَا اللُّتَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّتَّاتِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ قَدْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ، فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ السَّوِيقِ: قَدْ كَانَ لِي فِيهِ لُتَاتٌ قَبْلَ أَنْ يَلُتَّهُ هَذَا السَّمَّانُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّوِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ اللُّتَاتُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ السَّوِيقَ وَغَابَ عَلَيْهِ رَبُّ السَّوِيقِ فَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ: لَمْ آمُرْك أَنْ تَلُتَّهُ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ تَجْعَلْ فِيهِ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ سَمْنًا، وَقَالَ اللَّتَّاتُ: أَمَرْتنِي بِعَشْرَةٍ وَقَدْ جَعَلْت فِيهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ سَمْنًا فَنَظَرَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إلَيْهِ وَقَالُوا فِيهِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ سَمْنًا، وَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ: قَدْ كَانَ لِي فِيهِ لُتَاتٌ قَبْلَ أَنْ يَلُتَّهُ صَاحِبُ السَّمْنِ أَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السَّمْنِ، وَكَذَلِكَ الصَّبَّاغُ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ فَاخْتَلَفَا مِثْلَ مَا وَصَفْت لَكَ فَكَانَ يُشْبِهُ مَا فِي الثَّوْبِ مِنْ الصَّبْغِ مَا قَالَ الصَّبَّاغُ، فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: إنَّهُ قَدْ كَانَ لِي فِيهِ صَبْغٌ قَبْلَ أَنْ أَدْفَعَهُ إلَى الصَّبَّاغِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبَّاغِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ رَبِّ الثَّوْبِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِي فِيهِ صَبْغٌ قَبْلَ أَنْ أَدْفَعَهُ إلَى الصَّبَّاغِ مَعَ يَمِينِ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ الصَّبَّاغَ وَاللَّتَّاتَ جَمِيعًا مُؤْتَمَنَانِ وَإِنَّمَا أَقَرَّا بِأَنَّهُمَا قَبَضَا السَّوِيقَ وَالثَّوْبَ وَلَمْ يُقِرَّا بِأَنَّهُمَا قَبَضَا صَبْغًا وَلَا لُتَاتًا، وَالسَّمْنُ وَالصِّبَاغُ وَاللُّتَاتُ فِي أَيْدِيهِمَا يَزْعُمَانِ أَنَّهُ لَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا: أَنَّهُ لَهُمَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ فِي الصِّبْغِ وَالسَّمْنِ إذَا كَانَ يُشْبِهُ مَا قَالَا؛ لِأَنَّهُمَا مُؤْتَمَنَانِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَهَذَا رَأْيِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>