للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُعْلًا فِي عَمَلٍ يَعْمَلُهُ لَهُ فِي يَوْمٍ وَلَا تَجُوزُ فِي الْجُعْلِ وَقْتٌ مُوَقَّتٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ: مَتَى مَا شِئْتَ تَرَكْتُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا.

[الَّذِي يَقُولُ اُنْفُضْ زَيْتُونِي أَوْ اعْصِرْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ]

فِي الَّذِي يَقُولُ: اُنْفُضْ زَيْتُونِي أَوْ اعْصِرْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: اُنْفُضْ زَيْتُونِي هَذَا فَمَا نَفَضْتَ مِنْهُ مَنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَالِكًا لِمَ كَرِهَ النَّفْضَ فِي الزَّيْتُونِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ اُنْفُضْ لِي زَيْتُونِي هَذَا فَمَا نَفَضْتَ مِنْهُ مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: حَرِّكْ شَجَرَتِي هَذِهِ فَمَا سَقَطَ مِنْهَا مِنْ ثَمَرِهَا مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهَا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ إذَا نَفَضَهَا أَمْ لَا، وَإِنَّمَا النَّفْضُ تَحْرِيكٌ وَهِيَ إجَارَةٌ فَكَأَنَّهُ عَمَلَ بِمَا لَا يَدْرِي مَا هُوَ وَاللَّقْطُ غَيْرُ هَذَا فَهُوَ كُلَّمَا لَقَطَ شَيْئًا وَجَبَ لَهُ نِصْفُ مَا لَقَطَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اعْصِرْ زَيْتُونِي هَذَا فَمَا عَصَرْتَ مِنْهُ مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ قَالَ: اعْصِرْ جُلْجُلَانِي هَذَا فَمَا عَصَرْتَ مِنْهُ مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ؟ قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْعَصْرَ فِيهِ عَمَلٌ إذَا بَدَأَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَخْرُجَ زَيْتُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ طَحَنَهُ لَمْ يَسْتَطِعْ تَرْكَهُ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا فَأَمَّا الْحَصَادُ فَهُوَ حِينَ يَحْصُدُ وَجَبَ لَهُ نِصْفُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: اُلْقُطْهُ كُلُّهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَصَارَ بَقِيَّةُ الْعَمَلِ بَيْنَهُمَا، وَالزَّيْتُونُ إذَا لَقَطَهُ صَارَ لَهُ نِصْفُهُ وَلِرَبِّ الزَّيْتُونِ نِصْفُهُ وَاَلَّذِي أَخَذَ الزَّيْتُونَ وَالْجُلْجُلَانَ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ عَمَلٌ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لِصَاحِبِ الْجُعْلِ فِيهِ حَقٌّ، فَإِذَا وَقَعَ عَمَلُهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَإِنْ عَمِلَ كَانَ يَعْمَلُ بِأَجْرٍ لَا يَدْرِي مَا هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الزَّيْتُونِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَفِي اللَّقْطِ وَالْحَصَادِ هُوَ كُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَ لَهُ مِنْ جُعْلِهِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَهُوَ إذَا شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا جَمَعَ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا بَقِيَ تَرَكَهُ وَأَخَذَ حَقَّهُ فِيمَا عَمِلَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ مَا تَرَكَ وَذَلِكَ إنْ طَحَنَ وَلَمْ يَعْصِرْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ بَطَلَ عَمَلُهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ لَهُ: اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا أَوْ اُدْرُسْهُ عَلَى أَنَّ لَكَ النِّصْفَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ الدِّرَاسِ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَخْرُجُ هَذِهِ الْحِنْطَةُ وَلَا كَمْ تُخْرِجُ.

قُلْتُ: فَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِعْنِي هَذِهِ الْحِنْطَةَ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَهُوَ زَرْعٌ قَائِمٌ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>