للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ إذَا حَمَلَ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ فَأَرَاهُ ضَامِنًا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَعْطَبَتْ الدَّابَّةُ فَادَّعَى غَيْرُ الْمَأْمُونِ تَلَفَهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، فَاَلَّذِي اكْتَرَاهَا ضَامِنٌ لِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ لِقِيمَتِهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي الثَّانِي ضَمَانٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ أَمْرٌ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ يُتَبَيَّنَ كَذِبُهُ. وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يُكْرِي مَنْ الرَّجُلِ عَلَى حُمُولَةٍ إلَى بَلَدٍ فَيُرِيدُ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اكْتَرَى إلَيْهِ وَهُوَ مِثْلُ الْبَلَدِ الَّذِي اكْتَرَى إلَيْهِ فِي الْمُؤْنَةِ وَالشِّدَّةِ وَالصُّعُوبَةِ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ الْمُكْرِي. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِنْ شَاءَ ذَلِكَ الْمُكْرِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَّا أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ إقَالَةً صَحِيحَةً ثُمَّ يُكْرِي مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ رَاحِلَةً لِأَرْكَبَهَا أَنَا نَفْسِي فَأَتَيْتُ بِمَنْ هُوَ مِثْلِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَحْمِلَهُ عَلَيْهَا مَكَانِي أَيَكُونُ لِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ، وَقَدْ يُكْرِي الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ لِحَالِهِ وَحُسْنِ رُكُوبِهِ، فَأَنْتَ تَجِدُ آخَرَ لَعَلَّهُ أَخَفُّ مِنْهُ وَهُوَ أَخْرَقُ فِي الرُّكُوبِ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَكِنْ إنْ فَعَلَ فَحَمَلَ غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ نُظِرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الثِّقَلِ وَالْحَالِ وَالرُّكُوبِ لَمْ يَضْمَنْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ هَذَا الَّذِي اكْتَرَى الدَّابَّةَ أَيَكُونُ الْكِرَاءُ لَهُ لَازِمًا وَيَأْتُوا بِمِثْلِهِ فَيَحْمِلُونَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَاك قَدْ أَجَزْت أَنْ يُحْمَلَ غَيْرُهُ فِي الْمَوْتِ؟

قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الدُّورِ وَالْحُمُولَةِ يُكْرِي تِلْكَ الْإِبِلَ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: وَفِي الْحَيَاةِ أَيْضًا لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ الَّذِي يُعْرَفُ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي لَمْ يَكُنْ يَقِفُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ إنَّ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ فِي حَالِهِ وَخِفَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْكِتَابِ قَبْلَ هَذَا مَا يَجُوزُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَكْرِيَةِ أَكْرِيَةِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَهُ وَأَجَازَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>