للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا بَيِّنَةً أَجَزْتُ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَتْ عَدْلَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّعٍ لِفَضْلَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً فَأَقْضِي لِلْمُكْرِي بِالْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَقْضِي لِلْمُكْتَرِي بِالرُّكُوبِ إلَى مَكَّةَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّهَاتُرِ وَسَوَاءٌ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَهَذَا أَصْلُ قَوْلِنَا، فَخُذْ هَذَا الْبَابَ وَنَحْوَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلَ لِي الْمُكْرِي حُمُولَةً حَتَّى بَلَّغَهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي شَرَطْت عَلَيْهِ فَاخْتَلَفْنَا فَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: قَدْ أَدَّيْت إلَيْك الْكِرَاءَ وَقَالَ الْجَمَّالُ: لَمْ آخُذْ مِنْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ مَا دَامَ الْمَتَاعُ فِي يَدَيْهِ، وَإِذَا بَلَغَ بِهِ الْمَوْضِعَ فَأَسْلَمَهُ إلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ قَالَ: مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَمْرٍ قَرِيبٍ؟

قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ أَيْضًا وَعَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْجَمَّالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ كِرَاءَهُ وَغَرِمَ لَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ الْكِرَاءَ.

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْحَاجُّ حَاجُّ مِصْرَ إذَا بَلَغُوا أَهْلِيهِمْ فَقَامَ الْجَمَّالُ مِنْ بَعْدِ قُدُومِهِمْ بِلَادَهُمْ بِالْأَمْرِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَا يُسْتَنْكَرُ فَقَالَ: لَمْ أَنْتَقِدْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَمَّالِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَا تَطَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَقُمْ الْجَمَّالُ بِحِدْثَانِ قُدُومِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَأَرَى الْقَوْلَ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَالْحَاجِّ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ أَنَّهُمْ قَدْ دَفَعُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْجَمَّالِ بَيِّنَةٌ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَالْخَيَّاطُ وَالصَّانِعُ يَدْفَعُونَ ذَلِكَ إلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُمْ ثُمَّ يَأْتُونَ يَطْلُبُونَ حُقُوقَهُمْ فَقَالَ: هُمْ كَذَلِكَ إذَا قَامُوا بِحِدْثَانِ مَا دَفَعُوا الْمَتَاعَ إلَى أَهْلِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ أَهْلُهُ وَتَطَاوَلَ فَأَرَى الْقَوْلَ قَوْلَ رَبِّ الْمَتَاعِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ.

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ إبِلًا مَنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ فَلَمَّا بَلَّغَهُ أَيْلَةَ اخْتَلَفَا فِي الْكِرَاءِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ.

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ كِرَاءُ هَذَا الرَّجُلِ إلَى مَكَّةَ فِي رَاحِلَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَضْمُونًا عَلَى الْجَمَّالِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ لَيْسَ فِي كِرَاءِ رَاحِلَةٍ بِعَيْنِهَا فَيَكُونُ قَابِضًا لِلرَّاحِلَةِ الَّتِي اكْتَرَى مِثْلَ مَا قَبَضَ مُتَكَارِي الدَّارِ فِي الدَّارِ الَّتِي اكْتَرَى وَالْمَضْمُونُ لَمْ يَقْبِضْ رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا بِعَيْنِهِ، وَأَرَاهُمَا سَوَاءً عِنْدِي كَانَ فِي رَاحِلَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَضْمُونًا فِي غَيْرِ رَاحِلَةٍ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمَّالَ إذَا حَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إبِلِهِ، قَالَ مَالِكٌ: فَلَيْسَ لِلْجَمَّالِ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ الْبَعِيرَ مِنْ تَحْتِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكْتَرِي ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَفْلَسَ الْجَمَّالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>