للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دَعْوَى الْمُكْتَرِي فِي الدَّارِ مَرَمَّةَ الدَّارِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَجَرْت دَارِيَ فَلَمَّا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ ادَّعَى الْمُتَكَارِي أَنَّ فُرُشَ الدَّارِ لَهُ أَوْ خَشَبَةً فِي السَّقْفِ أَوْ جِدَارًا سَتَرَهُ ادَّعَى أَنَّهُ بَنَاهُ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّارِ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ فِي كُلِّ شَيْءٍ هُوَ فِي بُنْيَانِ الدَّارِ أَوْ فُرُشٍ أَوْ مَا هُوَ مِنْ الْبُنْيَانِ.

قُلْتُ: فَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الدَّارِ لَيْسَ فِي الْبُنْيَانِ مَنْ حَجَرٍ مُلْقًى أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ سَارِيَةٍ أَوْ بَابٍ مُلْقًى فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ وَالْمُتَكَارِي؟ قَالَ: أَرَى الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُتَكَارِي.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: هُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت دَارًا سَنَةً فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: أَنْفِقْ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ، فَلَمَّا انْقَضَى الْأَجَلُ قَالَ الْمُتَكَارِي: قَدْ أَنْفَقْت مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَمْ تَفْعَلْ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَكَارِي إذَا كَانَ فِي الدَّارِ أَثَرٌ يُصَدِّقُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ وَلِلنَّفَقَاتِ وُجُوهٌ لَا تُجْهَلُ فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ غَرِمَ لِرَبِّ الدَّارِ الْكِرَاءَ.

قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلْتَ الْقَوْلَ فِي النَّفَقَةِ قَوْلَ الْمُتَكَارِي؟

قَالَ: لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَبُّ الدَّارِ: قَدْ أَمَرْتُكَ أَنْ تُنْفِقَ وَتَبْنِيَ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ فَلَمْ تُنْفِقْ وَلَمْ تَبْنِ، وَقَالَ الْمُتَكَارِي: قَدْ بَنَيْتُ هَذَا الْبَيْتَ؟

قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ فَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ جَدِيدٌ وَأَنَّهُ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بُنْيَانِ الْمُتَكَارِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُتَكَارِي، وَإِنْ اُسْتُدِلَّ عَلَى كَذِبِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: عَلَى السَّاكِنِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا الْبَيِّنَةُ، وَعَلَى رَبِّ الدَّارِ الْيَمِينُ.

[نَقْضِ الْمُتَكَارِي مَا عَمَّرَ إذَا انْقَضَى أَجَلُ سُكْنَاهُ]

فِي نَقْضِ الْمُتَكَارِي مَا عَمَّرَ إذَا انْقَضَى أَجَلُ سُكْنَاهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا انْقَضَى أَجَلُ الْكِرَاءِ وَقَدْ أَحْدَثَ الْمُتَكَارِي فِي الدَّارِ بُنْيَانًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ كَأَنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ بِأَمْرِ رَبِّ الدَّارِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَمَّا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ قَالَ الْمُتَكَارِي: أَعْطِنِي قِيمَةَ بُنْيَانِي هَذَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُنْظَرُ فِيمَا أَحْدَثَ الْمُتَكَارِي فَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ إنْ قَلَعَهُ قِيلَ لِرَبِّ الدَّارِ: أَعْطِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْبُنْيَانِ مِنْ جَصٍّ أَوْ طِينٍ إذَا هُوَ قَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَكَارِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَلَا يُقَوَّمُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيُقَوَّمُ، فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَنْقُضَهُ إذَا أَعْطَاهُ رَبُّ الدَّارِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>