للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ: لَا تُكْرَى الْأَرْضُ الَّتِي تَشْرَبُ بِالْمَطَرِ الَّتِي تُرْوَى مَرَّةً وَتَعْطَشُ أُخْرَى إلَّا قُرْبَ الْحَرْثِ، وَوُقُوعِ الْمَطَرِ أَجَازَهُ الرُّوَاةُ وَلَمْ يَرَوْا فِيهِ تُهْمَةً إذَا لَمْ يَنْقُدْ، وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِنَقْدٍ حَتَّى تُرْوَى رَيًّا مُتَوَالِيًا يُجْزِي وَيَكُونُ مُبْلِغًا لَهُ كُلِّهِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ مَعَ رَجَائِهِ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَطَرِ، وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا كِرَاءَهَا بِغَيْرِ نَقْدٍ إلَّا قُرْبَ الْحَرْثِ وَوُقُوعِ الْمَطَرِ فَكَيْفَ تَجُوزُ السَّنَةَ بَعْدَ السَّنَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا مَأْمُونَةً كَأَمْنِ النِّيلِ فِي سَقْيِهِ، فَلَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا وَتَعْجِيلِ النَّقْدِ وَبِغَيْرِ التَّعْجِيلِ قُرْبَ إبَّانِ شُرْبِهَا وَرَيِّهَا. اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَنْ لَا تُكْرَى أَرْضُ مِصْرَ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهَا الْمَاءُ وَتُرْوَى. .

قَالَ اللَّيْثُ: لَا أَرَى أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ الَّتِي تَشْرَبُ بِالْمَطَرِ وَلَا كُلُّ أَرْضٍ تُرْوَى مَرَّةً وَتَعْطَشُ أُخْرَى حَتَّى تُرْوَى إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا مَأْمُونَةً لَا يُخْطِئُهَا أَنْ تَشْرَبَ فِي كُلِّ عَامٍ.

[اكْتَرِي أَرْضَ الْمَطَرِ وَقَدْ مُكِّنَ مِنْ الْحَرْثِ ثُمَّ تُقْحِطُ السَّمَاءُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْحَرْثِ]

فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي أَرْضَ الْمَطَرِ وَقَدْ أُمْكِنَتْ مِنْ الْحَرْثِ ثُمَّ تُقْحِطُ السَّمَاءُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْحَرْثِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَرْضَ إنْ أَمْكَنْتنِي الْأَرْضَ مِنْ الْحَرْثِ فَتَكَارِيَتُهَا ثُمَّ قَحَطَتْ السَّمَاءُ عَنْهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْحَرْثِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَأْتِهِ مِنْ الْمَطَرِ مَا يُتِمُّ بِهِ زَرْعَهُ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ وَالْبِئْرُ إذَا انْهَارَتْ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ زَرْعُ الرَّجُلِ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِذَهَابِ الْمَاءِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَخْذُهُ الْكِرَاءَ لِأَمْنِ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَكَثْرَةِ مَائِهَا رَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْهُ فَذَلِكَ عَنْهُ مَوْضُوعٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ جَاءَهَا مَاءٌ فَأَقَامَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعَهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَحْطِ الْكِرَاءُ عَنْهُ مَوْضُوعٌ، وَلَكِنْ إنْ زَرَعَ فَجَاءَ بَرَدٌ فَأَذْهَبَ زَرْعَهُ كَانَ الْكِرَاءُ عَلَيْهِ ضَامِنًا.

قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْجَرَادِ وَالْجَلِيدِ يُصِيبُهُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْكِرَاءَ إذَا لَمْ يَأْتِ مِنْ الْمَاءِ مَا يُتِمُّ بِهِ زَرْعَ هَذَا الْمُتَكَارِي مَاءُ السَّمَاءِ كَانَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ جَاءَهُ مَاءٌ كَفَى بَعْضُهُ وَهَلَكَ بَعْضُهُ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الَّذِي حَصَدَ شَيْئًا لَهُ قَدْرٌ وَمَنْفَعَةٌ أَعْطَى مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدْرٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ. يُونُسُ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَرْضِ يُؤَاجِرُهَا صَاحِبُهَا أَوْ يُكْرِيهَا قَالَ: حَلَالٌ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>