للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ زَرَعَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ أَعْطَى رَبَّ الْأَرْضِ كِرَاءَ السِّنِينَ الَّتِي زَرَعَهَا الْمُتَكَارِي عَلَى حِسَابِ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا إذَا كَانَ ذَلِكَ يُشْبِهُ مَا يَتَكَارَى بِهِ النَّاسُ.

فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ ذَلِكَ كِرَاءَ النَّاسِ فِيمَا يَتَغَابَنُونَ بِهِ وَكَانَ الَّذِي قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يُشْبِهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُشْبِهُ أَيْضًا حُمِلَا فِي تِلْكَ السِّنِينَ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا الْمُتَكَارِي عَلَى كِرَاءِ مِثْلِهَا، وَيَفْسَخُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ، وَإِنَّمَا فَسَخَ عَنْهُ كِرَاءَ مَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا رَبُّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَارِي ادَّعَاهَا بِأَقَلَّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا صَدَقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ حِينَ قَالَ: لَمْ أُكْرِكَ إلَّا خَمْسَ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَكْرَى دَابَّتَهُ إلَى بَلَدٍ فَقَالَ صَاحِبُهَا: إنَّمَا أَكْرَيْتُهَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ الْمُتَكَارِي: بَلْ إلَى مَكَّةَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فِي الْغَايَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: فَهَذِهِ السُّنُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ مِثْلَ مَا جَعَلَ مَالِكٌ الْقَوْلَ فِي غَايَةِ الْمَسِيرِ فِي الْكِرَاءِ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ اكْتَرَى مَنْزِلَهُ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ: إنَّمَا اكْتَرَيْتُهَا سَنَةً، وَقَالَ الْمُتَكَارِي: بَلْ سَنَتَيْنِ كَانَ الْقَوْلُ فِي السَّنَةِ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ بَلَغَنِي هَذَا الْقَوْلُ فِي الدُّورِ عَنْ مَالِكٍ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْغَايَةِ وَالْكِرَاءِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَقَدَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِذَا كَانَ نَقَدَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ يُشْبِهُ مَا قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ وَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمُكْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فِيمَا سَكَنَ عَلَى حِسَابِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَرَجَعَ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ عَلَى الْمُكْرِي بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ، وَيَمِينُ الْمُكْتَرِي فِيمَا ادَّعَى مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا جَمِيعًا، وَكَانَ عَلَى الْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ، وَإِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَا جَمِيعًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ الْمُنْتَقَدِ بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَسْكُنَ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْرِي.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ أَكْثَرَ هَذَا إذَا انْتَقَدَ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا أَصْلٌ فَرُدَّ إلَيْهِ كُلُّ مَا خَالَفَهُ فِي الْأَكْرِيَةِ أَكَرِيَةِ الرَّوَاحِلِ وَالْعَبِيدِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَرَعْت أَرْضًا فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: لَمْ آذَنْ لَكَ أَنْ تَزْرَعَ أَرْضِي، وَلَمْ أُكْرِكَهَا وَادَّعَيْت أَنَا أَنَّهُ أَكْرَانِي؟

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْأَرْضِ قَدْ عَلِمَ بِهِ حِينَ زَرَعَ أَرْضَهُ فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُ الزِّرَاعَةِ؟

قَالَ: يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَلَا يَقْلَعُ زَرْعَهُ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الزِّرَاعَةِ قَدْ مَضَتْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ رَبُّ الْأَرْضِ بِأَنَّ الزَّارِعَ قَدْ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ تَقُومُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ أَوْ يَأْبَى الْيَمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيَدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>