للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْعَامِلِ.

قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سَهَّلَ فِي الدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ. وَهُوَ عِنْدِي، إذَا كَانَ الْحَائِطُ لَهُ قَدْرٌ، يَكُونُ حَائِطًا كَبِيرًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْحَوَائِطِ - عِنْدَنَا بِالْفُسْطَاطِ - مَنْ تُجْزِئُهُ الدَّابَّةُ الْوَاحِدَةُ فِي عَمَلِهِ. فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ هَكَذَا لَهُ قَدْرٌ، كَانَ قَدْ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ الْحَائِطِ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ الْكَبِيرُ، فَيَشْتَرِطُ عَمَلَ الْحَائِطِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ - فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدِي فِي الدَّابَّةِ الَّتِي وَسَّعَ فِيهَا مَالِكٌ، إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ الَّذِي يَكْثُرُ عَمَلُهُ وَتَكْثُرُ مُؤْنَتُهُ. قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَمَا مَاتَ مِنْ دَوَابِّ الْحَائِطِ أَوْ رَقِيقِ الْحَائِطِ، الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ يَوْمَ سَاقَاهُ، فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْلِفَهُمْ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا عَمِلَ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ، أَنَّ مَا مَاتَ مَنْ رَقِيقِ الْحَائِطِ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ يَوْمَ سَاقَاهُ فَعَلَى الْعَامِلِ فِي الْحَائِطِ أَنْ يُخْلِفَهُ.

قَالَ: فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْحَائِطُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ دَوَابُّ وَلَا رَقِيقٌ، يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّ الْمَالِ مُسَاقَاةً، الْحَائِطَ الَّذِي فِيهِ الدَّوَابُّ وَالرَّقِيقُ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ مُسَاقَاةً؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ الَّذِي فِيهِ الدَّوَابُّ وَالرَّقِيقُ، عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يُخْلِفَهُمْ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفَهُمْ. وَالْحَائِطُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَقِيقٌ وَلَا دَوَابُّ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَا مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مِمَّا أَدْخَلَ أَنْ يَشْتَرِطَ خَلَفَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذَ الْحَائِطَ مُسَاقَاةً، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ غِلْمَانِهِ وَدَوَابِّهِ وَمَتَاعِهِ فَأَخْرَجَهُمْ رَبُّ الْحَائِطِ، ثُمَّ عَمِلَ الْعَامِلُ عَلَى هَذَا، فَأَخْرَجَ الْحَائِطُ ثَمَرًا كَثِيرًا أَوْ لَمْ يُخْرِجْ، مَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَى فِي هَذَا أَنَّهُ أَجِيرٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عُمَّالًا لِلنَّخْلِ لَمْ يَكُونُوا فِي الْحَائِطِ. اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ الْحَائِطُ فِيهِ النَّخْلُ، فَيُعْطِيَهُ رَجُلًا فَيَسْقِيَهُ بِنَاضِحٍ مِنْ عِنْدِهِ وَيُعَالِجَهُ، عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ النَّخْلِ كَذَا وَكَذَا مِنْ الثَّمَرَةِ وَلِلْمُسَاقِي مَا بَقِيَ. قَالَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: نَهَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَرَرِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ رُبَّمَا لَمْ تُخْرِجْ إلَّا مَا اشْتَرَطَ صَاحِبُهَا، فَيَذْهَبُ سَقْيُ الْمُسَاقِي بَاطِلًا.

ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سُئِلَ رَبِيعَةُ عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلًا حَدِيقَةَ عِنَبٍ لَهُ، يَعْمَلُ فِيهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ عَلَى النِّصْفِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ بِجُزْءٍ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ. قَالَ: وَسُئِلَ رَبِيعَةُ عَنْ رَجُلٍ، أَعْطَى لِرَجُلٍ حَدِيقَةَ عِنَبٍ لَهُ، يَعْمَلُ فِيهَا، وَنَفَقَتُهُ عَلَى رَبِّ الْعِنَبِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ثَمَرَتِهَا أَوْ ثُلُثَيْهَا؟ قَالَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ فَقِيلَ لِرَبِيعَةَ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى رَبِّ الْعِنَبِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَتْ مُسَاقَاةُ النَّاسِ. وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسُئِلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَعَلَى أَهْلِ الْمُسَاقَاةِ عَمَلُهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ خَالِصًا؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَأَلْتُ اللَّيْثَ عَنْ الْمُسَاقَاةِ؟ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>