للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلُّ مَا أَطْعَمَتْ فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى قَدْرِ نِفَاقِهِ فِي الْأَسْوَاقِ فِي كُلِّ بَطْنٍ، ثُمَّ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ هُوَ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ، رُدَّ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْبَطْنُ الْآخَرُ الَّذِي انْقَطَعَ مِنْهُ هُوَ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ، رُدَّ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى نَبَاتِهَا فِي إطْعَامِهَا، فَيُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ كَثْرَتِهِ وَعَدَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى أَسْوَاقِهِ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى كَثْرَتِهِ وَنِفَاقِهِ فِي الْأَسْوَاقِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَكُلُّ شَيْءٍ يُجْنَى بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَهُوَ عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَكَ فِي الْمَقْثَأَةِ. وَمَا كَانَ يَطِيبُ بَعْضُهُ بَعْدَ بَعْضٍ، فَعَلَى هَذَا يُحْسَبُ أَيْضًا مِمَّا يَنْبُتُ جَمِيعًا، مِثْلِ التُّفَّاحِ وَالْخَوْخِ وَالتِّينِ وَالرُّمَّانِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ الرُّمَّانَ وَالْخَوْخَ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ مِمَّا لَا يُخْرَصُ، إنَّمَا يُشْتَرَى إذَا بَدَا أَوَّلُهُ لِأَنَّهُ يُعَجَّلُ بَيْعُهُ، فَيَكُونُ لَهُ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ثَمَنٌ، لَا يَكُونُ آخِرُهُ فِي نِفَاقِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَأَسْوَاقُهُ وَكَثْرَتُهُ فِي اجْتِمَاعِهِ فِي آخَرِ الزَّمَانِ، فَإِنَّمَا يَشْتَرِي الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَيُعْطِي ذَهَبَهُ، لَأَنْ يَكُونَ لَهُ آخِرُهُ مَعَ أَوَّلِهِ. وَلَوْ أُفْرِدَ مَا يَطِيبُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ، حَتَّى يُبَاعَ عَلَى حِدَتِهِ، لَاخْتَلَفَتْ أَثْمَانُهَا. وَإِنَّمَا يَشْتَرِي الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ يُحْمَلُ الْغَالِي مِنْهُ عَلَى رَخِيصِهِ، وَالرَّخِيصُ مِنْهُ عَلَى غَالِيهِ. فَإِذَا أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا، نَظَرَ إلَى مَا قَبَضَ ثُمَّ نُظِرَ إلَى الَّذِي أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ الَّتِي اشْتَرَى، وَضِعَ عَنْهُ مَا يُصِيبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الثَّمَرَةِ أَوْ فِي وَسَطِهَا أَوْ فِي آخِرِهَا، فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ الَّتِي أَصَابَتْهَا الْجَائِحَةُ يَكُونُ حَظُّهَا مِنْ الْقِيمَةِ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقِيمَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي تِسْعَةُ أَعْشَارِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا عُشْرَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي عُشْرُ الثَّمَنِ. وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا، إلَى الْجَائِحَةِ إذَا أَصَابَتْ. فَإِنْ أَصَابَتْ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ، نُظِرَ إلَى مَا كَانَ يُصِيبُ هَذَا الثُّلُثَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى حَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ غَلَائِهِ وَرُخْصِهِ.

فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا يُصِيبُ ذَلِكَ الثُّلُثَ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ. فَإِنْ أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ، وَكَانَ حَظُّ مَا أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مِنْ الثَّمَنِ يَبْلُغُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَنِ، لَمْ يُوضَعْ عَنْ الْمُشْتَرِي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَلَا يُوضَعُ الْمُشْتَرِي فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ، حَتَّى تَبْلُغَ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ. فَإِذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي حَظُّهَا مِنْ الثَّمَنِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ. وَهَذَا تَفْسِيرُ مَا وَصَفْتُ لَكَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ، إنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْبُطُونِ إلَى مَا أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ، فَإِنْ كَانَ يَكُونُ قِيمَةُ مَا يَصِيرُ لَهُ ثُلُثَ الثَّمَنِ وُضِعَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّمَرَةِ عُشْرُهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ الْجَائِحَةُ لَا يَصِيرُ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ ثُلُثُهُ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ أَقَلُّ، لَمْ يُوضَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>